[ 15 ] وإنما الخلاف الذى ذكروه في أن هذه الجنة التى أدخلها آدم: هل هي في السماء أو في الارض، هو الخلاف الذى ينبغى فصله والخروج منه. والجمهور على أنها هي التى في السماء وهى جنة المأوى، لظاهر الآيات والاحاديث كقوله تعالى: " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " والانف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي، وإنما تعود على معهود ذهني، وهو المستقر شرعا من جنة المأوى، وكقول موسى عليه السلام لآدم عليه السلام: " علام أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟... " الحديث كما سيأتي الكلام عليه. وروى مسلم في صحيحه من حديث أبى مالك الاشجعى - واسمه سعد ابن طارق - عن أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبى هريرة، وأبو مالك عن ربعى، عن حذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة. فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ؟ " وذكر الحديث بطوله. وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة في (1) الدلالة على أنها جنة المأوى، وليست تخلو عن نظر. وقال آخرون: بل الجنة التى أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد، لانه (2) كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة، ولانه نام فيها وأخرج منها، ودخل عليه إبليس فيها، وهذا مما ينافى أن تكون جنة المأوى. وهذا القول محكى عن أبى بن كعب، و عبد الله بن عباس ووهب بن منبه وسفيان بن عيينة، واختاره ابن قتيبة في المعارف، والقاضى منذر بن سعيد ________________________________________ (1) 1: على. (2) ا: لانها. (*) ________________________________________