[ 15 ] 4 - وقد عنى ابن كثير بدفع الشبه التى أثارها كثير من المفسرين والمتلقين عن أهل للكتاب، واستطاع بمقدرته في التفسير وقوته في الاستدلال أن يوضح جانب الحق وأن يرد كثيرا من الآراء الفاسدة التى لا تتفق مع كرامة الانبياء. فقد كان موفقا في تأويل الآيات التى ثار حولها الخلاف وكثرت الاقاويل، كموقفه من تأويل قوله سبحانه على لسان لوط: " هؤلاء بناتى هن أطهر لكم " وقوله عن يوسف: " ولقد همت به وهم بها " وكذلك بيانه لقول الخليل عليه السلام " بل فعله كبيرهم هذا " وكذلك فصله في احتجاج موسى وآدم عليه السلام، وغير ذلك. وهذا جانب لم يهتم به أحد من المؤرخين من قبل، إنما دفع ابن كثير إليه إمامته في التفسير واهتمامه بمقاصد الهداية من قصص الانبياء. وبذلك يمكننا القول أن تناول ابن كثير لقصص الانبياء يعتبر جديدا في منهجه، إذ نلمح فيه عناصر أخرى غير التاريخ، كالتفسير والحديث، والعظة والتوجيه، وفى بعض الاحيان اللغة والادب، وقد مزج ابن كثير بين هذه العناصر وجعل الصدارة فيها للتصور القرآني لقصص الانبياء، فهو بحق تعبير صادق عن النظرة الاسلامية لهذا الموضوع وقد برئ من الحشو والتكلف والولوع بالغرائب، وساير منهج العقل والعلم، ونفر من الخرافات والاباطيل. وذلك ما جعلني أرى في نشر هذا الكتاب ضرورة لعصرنا وتراثنا على السواء. ________________________________________