[ 352 ] الكلام على هجرة الحبشة فلا نعيد وإذا كانت قريش قد قاومت الهجرة إلى الحبشة بذلك الشكل القوي، حتى لقد حاولت استرجاع المسلمين من أرض الحبشة. فماذا عساها يكون موقفها من الهجرة إلى المدينة، والتي ترى فيها أعظم الخطر على مصالحها، وعلى وجودها ومستقبلها ؟ !. لقد حاولت أن تمنع المسلمين من الهجرة بمختلف الوسائل، فكانت تحبس من تظفر به منهم، وتفتنه عن دينه، وتمارس ضده مختلف أساليب القهر والقسوة، فلم تنجح ولم تفلح وهي من الجهة الاخرى ترى نفسها عاجزة عن التصفية الجسدية لاكثر المسلمين ؟ لان المهاجرين كانوا - عموما - من القبائل المكية، وليس قتل أي منهم إلا سببا في اثارة حرب أهلية بين المشركين أنفسهم. وهذا ولا شك ليس في مصلحة قريش في أي حال. ويشهد لما ذكرناه ما حصل لابي سلمة حينما خرج بزوجته وولده، فقام إليه رجال من بني المغيرة فاخذوا زوجته منه ؟ لانها منهم، فثار بنو عبد الاسد، قبيلة الزوج ؟ فانتزعوا سلمة من أمه (1). وأدركت قريش: أن هذه الهجرة الواسعة سوف تعقبها هجرة الرسول الاعظم نفسه ؟ ليمارس بحرية تامة عملية الريادة، والقيادة، والهداية بشكل أوسع وأعمق. ولسوف يحميه المدنيون بكل ما لديهم. فلم يكن لديها هم إلا المنع من تحقق ذلك باي وسيلة تقدر عليها، أو حيلة تهتدى إليها. ________________________________________