[ 359 ] وهكذا كان حال المنافقين في عهد الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم، الذين ما فتئوا يكيدون للاسلام، ولنبي الاسلام، وللمسلمين، ويتربصون بهم الدوائر فكانوا يتآمرون مع الاعداء، ويحرضونهم، ويعدونهم النصر حينا، ثم كانوا يشاركون في الافتراء، وحياكة الاباطيل حينا آخر، إلى جانب تخذيلهم المسلمين، وبث الاشاعات الباطلة، وحبهم إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا. هذا كله، عدا عن كونهم عيونا للاعداء، يطلعونهم على عورات المسلمين، ويعلمونهم بأي تحرك منهم، حتى كان النبي (ص) كلما أراد غزوة ورى بغيرها، وكان يستخدم أساليب كثيرة، ومتنوعه ليعمي عليهم الامور، ويضللهم عن مقاصده الحقيقية. عداك عما كان أولئك المنافقون يمارسونه من أساليب اللمز والهمز. إلى جانب الكثير من الافك والافتراء، والهزء والازدراء. ولكنهم حين قويت شوكة المسلمين لم يجدوا مناصا من العض على الجراح، خصوصا بعد أن ظهر لهم: أن التحركات العسكرية للمسلمين في المناطق المختلفة كانت تسقط مواقع العدوان والتآمر الواحد تلو الاخر، وتقضي عليها، أو تحولها إلى مواقع قوة وصمود للمسلمين. فكان أن رأينا المنافقين يشاركون في غزوة بني المصطلق ولعلهم كانوا قد وثقوا بانتصار المسلمين، فأرادوا الحصول على مكاسب مادية لهم. ولكن نفاقهم الذي كانوا يصرون على التبرؤ منه لم يزل يظهر على صفحات وجوههم، وفي فلتات ألسنتهم، الامر الذي أثار حالة من ________________________________________