[ 453 ] حيث فسد الامر بينهم وبين بني قريظة وكان الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم السبب في ظهورها، حسبما أوضحناه. ثم كان قتل علي عليه السلام لعمرو، فارس الاحزاب وكيش كتيبتهم، ولمن معه، وفرار الباقين، هو الضرة القاصمة لهم، والمرعبة لقلوبهم. وجاءت الريح لتثير في نفوسهم المزيد من الخوف والرهبة، والاحساس بالوحشة والوحدة. حيث يجد كل منهم نفسه مسؤولا عن حفظ نفسه في مواجهة طغيان هذه الريح. ولا أحد يستطيع مساعدته والدفع عنه. فآثروا الفرار على القرار، خوفا من أن يبطش بهم سيف الاسلام من جديد، دون أن يتمكنوا من لم شعثهم، وتسوية صفوفهم. بل وحتى دون أن يتمكنوا من رؤية ما حولهم، لانهم أصبحوا في ظلمة شديدة، وحالة مزرية إلى أبعد الحدود. فكانت الهزيمة، وكان الخزي والعار لهم، دون أن يتمكنوا من تحقيق أي شئ سوى أنهم قتلوا أفرادا قليلين، قد لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة وقد خسروا في المقابل ما يعادل نفس هذا العدد، إلا أن من بينهم فارس قريش والعرب عمرو بن عبد ود العامري لعنه الله. فإذا كان هذا أكبر حشد يمكن لقوى الشرك والكفر في المنطقة كلها أن تقوم به، وقد طار صيت هذا الحشد في مختلف البلاد، وشدت إليه الانظار، وانتظر الناس أخباره في الليل والنهار، وتوقعت القبائل نتائجه في مختلف أرجاء الجزيرة العربية بفارغ الصبر لا سيما وأن الهدف الذي أعلنوه لهذاه الحرب، هو استئصال محمد ومن معه، ________________________________________