[ 355 ] أيضا، ولم تأل وسعا ولم تدخر جهدا في الثأر لنفسها كما سنرى في الفقرات التالية. هذا كله عدا عما في هذا من الامتحان لهم، فإن القبول بقتل الأقارب يحتاج إلى إيمان عميق، وإخلاص تام، وقد امتحن الله سبحانه بني إسرائيل بذلك أيضا. بل لقد امتحن الله تعالى نبيه إبراهيم بما يشبه هذا في ولده إسماعيل، حسبما قدمنا. و: قريش، والأنصار: وأول ما يطالعنا في مجال استكشاف مشاعر قريش، ونواياها تجاه الأنصار، ما قاله أبو سفيان بعد حرب بدر: آليت، لا أقرب النساء، ولا يمس رأسي وجلدي الغسل حتى تبيروا قبائل الأوس والخزرج، إن الفؤاد يشتعل وقد كان الأنصار أنفسهم يشعرون بهذا الأمر، فإنهم عندما مات النبي (ص) كانوا يبكون، لأنهم لا يدرون ما يلقون من الناس بعده " صلى الله عليه وآله " (1). ولم تكن مبادرتهم إلى محاولة مبايعة سعد بن عبادة إلا إنطلاقا من هذا الشعور، الذي عبر عنه الحباب بن المنذر بقوله يرم السقيفة: " ولكنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم، وإخوانهم " (2). وقد بين أمير المؤمنين " عليه السلام " دوافع سعد بن عبادة إلى طلب البيعة له، فكتب " عليه السلام " إلى أصحابه يقول: " ولقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى: أيها الناس، ________________________________________ (1) مسند أحمد ج 6 ص 339، ومجمع الزوائد ج 9 ص 34 عنه. (2) حياة الصحابة ج 1 ص 420. (*) ________________________________________