[ 321 ] وكل ما قدمناه يوضح لنا السر في أن المؤمنين - بنظر الاسلام - كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وعلى هذا، فليس من حق من تنهاه عن المنكر، أو تأمره بالمعروف: أن يقول لك: وماذا يعنيك ؟. أو: أنا حر، أو ما شاكل. إذ أن الأمر يعنيك حقا وهو ليس حرا إلا بمقدار لا يعتدي فيه على غيره، بأي نحو من أنحاء الاعتداء، ولا يضر بحريته. والانحراف هو أخطر اشكال الاعتداء وأبشع أنواعه. وواضح: أنه في مقام دفع أخطار الانحراف، والقضاء على المنكر، لابد من مراعاة مقدار الضرورة، فلو أساء ولدك نهيته أولا، وبينت له خطأه، ثم لمته، ثم تهددته، ثم ضربته، ثم طردته إلخ. كل ذلك بحكم الشرع والعقل وقضاء الفطرة. وإذا مرض أحد أعضاء الانسان، فإنه يعالجه بالدواء، ثم بالعملية الجراحية، ولربما تصل النوبة إلى قطعه، إذا كان مرضه خبيثا وخطيرا، حيث إنه بالاضافة إلى أنه أصبح يشكل عبئا ثقيلا على سائر الأعضاء، حيث يفترض فيها أن تقوم بمهماتها ومهماته. قد صار يشكل خطرأ عليها نفسها. هذا عدا عن أنه يؤثر فيها ألما وضعفا ووهنا، ويمنعها من القيام بوظائفها على النحو الأكمل والأفضل. وعلى هذا، فلو لم يقطع الطبيب هذا العضو، فإنه يكون قد أضر بهذا الانسان وخانه. وحين يعتبر الاسلام، والعقل، والفطرة، المسلمين كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، بل إن الانسانية جمعاء أيضا كذلك، فإن المنحرف عقائديا، وسلوكيا، وأخلاقيا، ________________________________________ = يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها. (*) ________________________________________