[ 30 ] الله تعالى سوف ينجي نبيه من كيد المشركين. وعليه فلا يمكن أن تكون الاية واردة في مقام مدحه وتقريظه، ولا بد من حمل النهي على ما هو ظاهر فيه، ولا يصرف عن ظاهره إلا بقرينة. بل ما ذكرناه يكون قرينة على تعين هذا الظاهر. ولا يقاس حزن أبي بكر بحزن النبي لاصلى الله عليه وآله وسلم "، والمشار إليه بقوله تعالى: إولا يحزنك قولهم) وغيرها، لان النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " إنما كان يحزن من أجل ما يراه من العوائق أمام دعوته، والموانع التي تعترض طريق انتشار وانتصار دينه، لما يراه من استكبار قومه، ومقامهم على الكفر والطغيان. فالنهي له " صلى الله عليه وآله وسلم " في الاية المتقدمة، ولموسى " عليه السلام " في آية أخرى، ليس نهي تحريم، وإنما هو تأنيس وتبشير بالنصر السريع لدينه، وللتنبيه على عدم الاعتناء بقولهم، وعدم استحقاقهم للحزن والاسف. فحزن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " هنا يدل على عمق ايمانه، وفنائه في ذات الله تعالى، وهو لا يقاس بحزن من يحزن من أجل نفسه، ومن أجل نفسه فقط. والايات صريحة فيما نقول: فنجد آية تقول: إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " كان يحزن لمسارعة قومه في الكفر: إلا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) (1) وإمن كفر فلا يحزنك كفره) (2) وأخرى تقول ة إنه يحزن لما بدا له من تكذيبهم إياه: إقد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون، فانهم لا يكذبونك " (3) وثالثة تقول: إنه كان يحزن لاتخاذهم آلهة من دون الله إفلا يحزنك قولهم، إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " (4). ________________________________________ (1) آل عمران / 176، والمائدة 41. (2) لقمان / 23. (3) الأنعام 33. (4) سورة يس / 76. (*) ________________________________________