[ 18 ] من قوله، وأبوا من ذلك (1)، وخافت بنو أمية أن تزول الخلافة منهم، فقالوا: ننظر في ذلك يا أمير المؤمنين ونستخير الله فأمهلنا. قال: لكم ذلك، وعجلوا علي. قال: فلم يلبثوا بعدها إلا أياما حتى طعن (2)، فدخلوا عليه، فقالوا له: استخلف على الناس من تراه لهم رضا. فقال لهم (3): عند الموت تريدون ذلك ؟ لا والله لا أتزودها، ما سعدت بحلاوتها، فكيف أشقى بمرارتها، ثم هلك رحمه الله ولم يستخلف أحدا. فقالوا لعثمان بن عنبسة: تقدم فصل بالناس، فأبى. وقال: لا. أما أنا فلاحق بخالي عبد الله بن الزبير، فقال له ابن زياد: إن هذا ليس بزمان خالك ولا عمك. فلما دفن معاوية بن يزيد، وسوي عليه التراب، وبنو أمية حول قبره، قال مروان: أما والله يا بني أمية إنه لابو ليلى، ثم قال: الملك بعد أبي ليلى لمن غلبا (4). وماج أمر بني أمية واختلفوا. ________________________________________ (1) موقف الخليفة معاوية بن يزيد المفاجئ وبعد قليل من توليه مقاليد الخلافة، حيث بقي محجوبا لا يرى حاول بعض المؤرخين تعقبه فقال ابن العبري إنه كان قدريا، حيث قال: لا أحب أن ألقى الله بتبعاتكم فشأنكم وأمركم ولوه من شئتم وتخلى للعبادة حتى مات. ورأى الفخري: إنه كان صبيا ضعيفا وقد عرف بأبي ليلى لضعفه كما قال المسعودي في مروجه: هذه الكنية للمستضعف من العرب. ونرى أن اعتكافه وعزلته في منزلته، واحتجابه عن الناس يعود لاسباب كثيرة أقلها ثلاثة: 1 - عدم اقتناعه - من حيث المبدأ - بأحقيته بالولاية (العبري). 2 - اشتداد الصراع بين أطراف القيادة الاموية، بين القيسية (الضحاك) واليمنية. 3 - ظهور عبد الله بن الزبير الرجل القوي، بعد موت يزيد، ودعوته الناس لمبايعته وادعائه الخلافة وظفره بالحجاز، والعراق وخراسان ومصر واليمن والشام إلا الاردن. (2) لم يرد في الطبري ولا في ابن الاثير ولا عند المسعودي أنه كان مريضا قال المسعودي في مروج الذهب: وقد تنوزع في سبب وفاته فمنهم من رأى أنه سقي شربة ومنهم من رأى أنه مات حتف أنفه ومنهم من رأى أنه طعن 3 / 89. وفيه أن أيامه كانت أربعين يوما وقيل شهرين (وانظر البداية والنهاية 8 / 260. وابن الاثير 2 / 605). (3) قارن مع ما ذكره المسعودي في المروج 3 / 88. (4) البيت لارثم الفزاري وتمامه: إني أرى فتنة تغلي مراجلها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا (البداية والنهاية 8 / 261 مروج الذهب 3 / 88، المعارف ص 154). (*) ________________________________________