[ 8 ] الهدى، فإن النعمان بن بشير في قصر الامارة، ولسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا مخرجك أخرجناه من الكوفة، وألحقناه بالشام والسلام. قال (1): فبعث الحسين بن علي مسلم بن عقيل إلى الكوفة يبايعهم له، وكان على الكوفة النعمان بن بشير. فقال النعمان: لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من ابن بحدل. قال: فبلغ ذلك يزيد، فأراد أن يعزله. فقال لاهل الشام: أشيروا علي، من أستعمل على الكوفة ؟ فقالوا: أترضى برأي معاوية ؟ قال: نعم، قالوا: فإن الصك بإمرة عبيد الله بن زياد على العراقين قد كتبه في الديوان (2). قال: فاستعمله على الكوفة، فقدم الكوفة قبل أن يقدم الحسين، وبايع له مسلم بن عقيل وأكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة، فنهضوا معه يريدون عبيد الله بن زياد، فجعلوا كلما أشرفوا على زقاق، انسل عنه منهم ناس، حتى بقي مسلم في شرذمة قليلة. قال: فجعل أناس يرمونه بالآجر من فوق البيوت، فلما رأى ذلك دخل دار هانئ بن عروة المرادي، وكان له فيهم رأي. فقال لها هانئ بن عروة: إن لي من ابن زياد مكانا، وسوف أتمارض له، فإذا جاء يعودني، فاضرب عنقه، قال: فقيل لابن ________________________________________ (1) ثمة إجماع في المصادر على أن الرسائل والرسل تتابعت على الحسين من رؤساء أهل الكوفة حتى وصله من الكتب منهم ما ملا منه خرجين. وكان آخر من وصل إليه منهم هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله الحنفي. فأرسل الحسين معهما إليهم جميعا كتابا واحدا نسخته: (عن الطبري): بسم الله الرحمن الرحيم. من حسين بن علي إلى الملا من المؤمنين والمسلمين، أما بعد، فإن هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم: إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق. وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي. وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منهم على مثل ما قدمت علي به رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الامام إلا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله. والسلام. (2) في الطبري 5 / 356 أن يزيد لما بلغه خبر وصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة ومبايعة أهلها للحسين، واستضعاف أهلها للنعمان بن بشير استشار سرجون مولى معاوية فأشار عليه بعبيد الله بن زياد، وكان معاوية قد عهد له بالعراقين (البصرة والكوفة) لكنه مات قبل إنفاد العهد إليه. (*) ________________________________________