[ 239 ] أصحابي يقاتلون، وجلست في فسطاطي، فلما فرغوا من القتال، جاءنا أصحابنا، فقالوا: دخلنا وفرغنا من الناس، فقال بعض أصحابي لبعض: تعالوا حتى ننظر إلى القتلى، فتقلدت سيفي وخرجت، فجعلنا ننظر إلى القتلى ونقول: هذا فلان، وذا فلان، فإذا رجل في بعض تلك الدارات في يده سيف، وقد أزبد شدقاه، وحوله صرعى من أهل الشام، فلما أبصرني قال: يا كلب احقن عني دمك. قال: فنسيت والله كل شئ، فحملت عليه، فقاتلته فقتلته، فسطع نور بين عينيه وسقط في يدي، قلت: من هذا ؟ فقيل لي: هذا محمد بن عمرو بن حزم، فجعلت أدور مع أصحابي، فيقولون: هذا فلان، وهذا فلان. فمر إنسان لا يعرف، فقال: من قتل هذا، ويحكم يريد محمد بن عمرو بن حزم ! قتله الله، والله لا يرى الجنة بعينه أبدا (1). عدة من قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قال: وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلا، ولم يبق بدري بعد ذلك، ومن قريش والانصار سبع مئة، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف (2)، وكانت الوقعة في ذي الحجة لثلاث (3) بقين منها سنة ثلاث وستين. قالوا: وكان الناس يعجبون من ذلك أن ابن الزبير لم يصلوا إليه إلا بعد ستة أشهر، ولم يكن مع ابن الزبير، إلا نفر قليل، وكان بالمدينة أكثر من عشرة آلاف رجل، والله ما استطاعوا أن يناهضوهم يوما إلى الليل. كتاب مسلم بن عقبة إلى يزيد قال: وذكروا أن مسلما لما فرغ من قتال أهل المدينة ونهبها، كتب إلى يزيد بن معاوية بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله يزيد بن معاوية أمير المؤمنين من مسلم بن عقبة، سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله، فإني أحمد الله ________________________________________ (1) زيد عند ابن الاثير: فأتيت أهله فعرضت عليهم أن يقتلوني فلم يفعلوا وعرضت عليهم الدية فلم يأخذوا. (2) تقدمت الاشارة إلى ذلك (انظر صفحة 237 حاشية رقم 3). (3) عند ابن الاثير والطبري: لليلتين بقيتا. (*) ________________________________________