[ 184 ] المأمون، فإنك أحق بهذا الامر منه، وأعانته على ذلك أمه زبيدة، فقدم أخوه عبد الله من بغداد، ومعه الجيوش قد أخذ ببعتهم، فنهض إليه الامين قاصدا ومعه الجيوش، فلم يرجع ولم يمانع، ولم يختلف عليه أحد، ثم إنه غدر بأخيه الامين لما بلغه عنه. فنهض المأمون إلى القصر فدخله، فأخذ أخاه وشد وثاقه وحبسه، وأشار إلى أمه لما أعانته عليه، فهرب محمد من الحبس، فبعث المأمون في طلبه، فأخذ وقتل، والله تعالى أعلم. وإلى هنا تم الجزء الثاني من الامامة والسياسة وبتمامه يكون الكتاب قد كمل كله، نسأل الله تعالى النفع به، والتوفيق إلى إتمام مثله، إنه سميع الدعاء، وهو نعم المولى ونعم النصير، وكان الفراغ من طبعه في الخامس من شعبان سنة 1378 ه‍ الموافق السابع من نوفمبر سنة 1967 م. العون عليه، فلابد من عهد يكون في يومى هذا. فقال عبد الله المأمون: يا أبتاه، أخى أحق منى وابن سيدتي، ولا إخال إلا أنه أقوى على هذا الامر منى، ثم أذن له فقام خارجا. ثم دعا هارون بابنه محمد، فأقبل يجر ذيله، ويتبختر في مشيته، فمشى داخلا بنعليه قد نسى السلام، وذهل عن الكلام، نخوة وتجبرا، وتعظما وإعجابا، فمشى حتى صار مستويا مع أبيه على الفراش. فقال هارون: ما تقول أي بني، فإنى أريد أن أعهد إليك ؟ فقال: يا أمير المؤمنين ومن أحق بذلك مني، وأنا أسن ولدك، وابن قرة عينك. فقال هارون: اخرج يا بني، ثم قال لزبيدة: كيف رأيت ما بين ابني وابنك ؟ فقالت: ابنك أحق بما تريد، فكتب عهد عبد الله المأمون، ثم محمد الامين بعده. فلما كان سنة خمس وتسعين ومئة، توفى الرشيد رحمه الله، وعبد الله المأمون خارج عن العراق، وكان وجهه أبوه بالجيوش إلى بعض الفرس لشئ بلغه عنهم، فلظ (1) بمحمد الامين قوم من شرار أهل العراق. فقيل له: معك الاموال والرجال والقصور، فادفع في نحر أخيك ________________________________________ (1) لظ به: اتصل به وتقرب إليه. (*) ________________________________________