[ 185 ] فقالوا: دخلنا وفرغنا من الناس، فقال بعض أصحابي لبعض: تعالوا حتى ننظر إلى القتلى، فتقلدت سيفي وخرجت، فجعلنا ننظر إلى القتلى ونقول: هذا فلان، وهذا فلان، فإذا رجل في بعض تلك الدارات في يده سيف، وقد أزبد شدقاه، وحوله صرعى من أهل الشام، فلما أبصرني قال: يا كلب احقن عني دمك. قال فنسيت والله كل شئ، فحملت عليه، فقاتلته فقتلته، فسطع نور بين عينيه وسقط في يدي، قلت: من هذا ؟ فقيل لي: هذا محمد بن عمرو بن حزم، فجعلت أدور مع أصحابي، فيقولون: هذا فلان، وهذا فلان. فمر إنسان لا يعرف، فقال: من قتل هذا، ويحكم، يريد محمد بن عمرو بن حزم ! قتله الله، والله لا يرى الجنة بعينه أبدا. عدة من قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قال: وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثمانون رجلا، ولم يبق بدري بعد ذلك، ومن قريش والانصار سبع مئة، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف، وكانت الوقعة في ذي الحجة لثلاث بقين منها سنة ثلاث وستين. قالوا: وكان الناس يعجبون من ذلك أن ابن الزبير لم يصلوا إليه إلا بعد ستة أشهر، ولم يكن مع ابن الزبير إلا نفر قليل، وكان بالمدينة أكثر من عشرة آلاف رجل، والله ما استطاعوا أن يناهضوهم يوما إلى الليل. كتاب مسلم بن عقبة إلى يزيد قال: وذكروا أن مسلما لما فرغ من قتال أهل المدينة ونهبها، كتب إلى يزيد بن معاوية بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله يزيد بن معاوية أمير المؤمنين من مسلم بن عقبة، سلام عليك يامير المؤمنين ورحمة الله، فإنى أحمد الله إليك الذى لا إله إلا هو، أما بعد: تولى الله حفظ أمير المؤمنين والكفاية له، فإني أخبر أمير المؤمنين أبقاه الله، أنى خرجت من دمشق ونحن على التعبئة التي رأى أمير المؤمنين يوم فارقنا بالعافية، فلقينا أهل بيت أمير المؤمنين بوادي القرى، فرجع معنا مروان بن الحكم، وكان لنا عونا على عدونا، وإنا انتهينا إلى المدينة فإذا أهلها قد خندقوا عليها الخنادق، وأقاموا على أنقابها الرجال بالسلاح وأدخلوا ماشيتهم، وما يحتاجون لحصارهم سنة فيما كانوا يقولون، وإنا أعذرنا إليهم، وأخبرناهم بعهد أمير المؤمنين، وما بذل لهم، فأبوا، ففرقت أصحابي على أفواه الخنادق، فوليت الحصين بن نمير، ناحية ذناب وما والاها، وعلى الموالي وجهت حبيش بن دجلة إلى ناحية بنى سلمة، ________________________________________