[ 29 ] * الأصل: 3 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين ". * الشرح: (الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين) قال شيخ العارفين بهاء الملة والدين: ليس المراد بالفقه الفهم ولا العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية، فإنه معنى مستحدث، بل المراد به البصيرة في أمر الدين والفقه أكثر ما يأتي في الحديث بهذا المعنى، والفقيه هو صاحب هذه البصيرة، وإليها أشار النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: " لا يفقه العبد كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ويرى للقرآن وجوها كثيرة " (1)، ثم يقبل على نفسه فيكون لها أشد مقتا ثم هذه البصيرة إما موهبية وهي التي دعا بها النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) حين أرسله إلى اليمن بقوله: " اللهم فقهه في الدين " (2)، أو كسبية، وهي التي أشار إليها أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال لولده الحسن (عليه السلام): " وتفقه يا بني في الدين " (3)، وفي كلام بعض الأعلام أن اسم الفقه في العصر الأول إنما كان يطلق على علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، ويدل عليه قوله تعالى: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) *، فقد جعل العلة الغائية من الفقه الإنذار والتخويف، ومعلوم أن ذلك لا يترتب إلا على هذه المعارف لا على معرفة فروع الطلاق والمساقاة والسلم وأمثال ذلك. ________________________________________ = وقوله: " لا يخلو عن معصوم " لقوله: فينا أهل البيت، ويدل على حجية الإجماع لأنا إذا رأينا الطائفة مجمعين على شئ علمنا أنه ليس باطلا، إذ لو كان باطلا لنفاه المعصوم، فإما أن يقبل قوله الجميع فيتفقون على الحق، وإما أن يقبله بعض فيحصل الخلاف، ولا يحتمل الاتفاق على الباطل. وقال المجلسي (رحمه الله) في البحار: ولا يخفى أن في زمان الغيبة لا يمكن الاطلاع على الإجماع، إذ مع فرض إمكان الاطلاع على مذاهب جميع الإمامية مع تفرقهم وانتشارهم في أقطار البلاد والعلم بكونهم متفقين على مذهب واحد لا حجة فيه، وهذا الاعتراض الذي ذكره المجلسي (رحمه الله) نقله العلامة (قدس سره) في النهاية من بعض من تقدم عليه، وأجاب بجواب كاف مقنع، وكأنه لم يره المجلسي (رحمه الله) فجدد الاعتراض. (ش) 1 - منتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج 4، ص 36، قال: " رواه الخطيب في المتفق والمفترق من حديث شداد بن أوس ". 2 - ذكره المؤرخون في حوادث السنة العاشرة. 3 - النهج - أبواب الكتب، تحت رقم 31. (*) ________________________________________