[ 23 ] (ثلاثة: آية محكمة) أي غير منسوخة لأحكام معناها وعدم إزالة حكمها، أو غير متشابهة لأحكام بيانها بنفسها وعدم افتقارها في معرفة ما فيها من الحقائق والمعارف والأحكام إلى غيرها ذلك، وعدم احتياجها إلى تأويل أو غير مختلف فيها يقال: هذا الشئ محكم إذا لم يكن فيه اختلاف. (أو فريضة عادلة) أي العلم بالواجبات المتوسطة بين الإفراط والتفريط، وقيل: المراد بها العلم بالواجبات العادلة أي الباقية الغير المنسوخة، وقيل: المراد بها العلم بما اتفق عليه المسلمون، وقال في النهاية: أراد بالعادلة العدل في القسمة، أي فريضة معدلة على السهام المذكورة في الكتاب والسنة من غير جور، ثم قال: ويحتمل أنها مستنبطة من الكتاب والسنة، فتكون هذه الفريضة تعدل بما اخذ عنهما. (أو سنة قائمة) المراد بالسنة الطريقة النبوية، وبالقائمة الدائمة المستمرة التي العمل بها متصل لا يترك من: قام فلان على الشئ إذا ثبت عليه وتمسك به، والمراد بها العلم بما يكون ثبوته من السنة النبوية التي لا يطرأ عليها النسخ، سواء كان فريضة أو لا، وخص بعض بغير الفريضة بقرينة المقابلة، والأول إشارة إلى العلم بالمحكمات القرآنية المتعلقة باصول الدين وفروعه وبالمواعظ والنصائح والعبرة بأحوال الماضين، وإنما خص المحكم بالذكر لأن المنسوخ ليس للعلم بمضمونه كثير نفع، والمختلف فيه لا يعلم الحق منه قطعا إلا المعصوم، وكذا المتشابه لقوله تعالى: * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) *. والثاني إشارة إلى العلم بكيفية العمل وجميع الامور المعتبرة فيه شرعا من غير إفراط وتفريط. والثالث إشارة إلى العلم بالأحاديث التي بعضها في التوحيد وما يليق به، وبعضها في المعاد وما يناسبه، وبعضها في الأخلاق وما يتعلق بها، وبعضها في الأحكام وما يعتبر فيها، وبعضها في عادات الرسول والأئمة صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ويحتمل أن يكون الثاني إشارة إلى العلم بواجبات الأعمال البدنية والقلبية التي تشمل الأخلاق والمعارف الاصولية، وأن يكون الثالث إشارة إلى العلم بمستحباتها، ووجه حصر العلم في الثلاثة ظاهر، لأن العلوم النافعة إما متعلقة باصول العقائد أو بفروعها، والثانية إما متعلقة بأعمال الجوارح، أو بأفعال القلب من محاسن الأخلاق ومقابحها والاعتبار والاتعاظ وجميع ذلك مندرج في الثلاثة المذكورة. (وما خلاهن فهو فضل) أي زيادة لا خير فيه في الآخرة، سواء كان ممدوحا في نفسه كعلم الرياضي والهندسة ونحوهما، أو مذموما كعلم السحر والشعبذة ونحوهما، وعلم بعض مسائل الحساب والعربية والمنطق في هذا الحصر داخل في الثلاثة المذكورة بالعرض على سبيل المبدئية، فلا ينافي ما ذكرناه آنفا، وإنما قال: " وما خلاهن فضل " ولم يقل: حرام لوجوه: ________________________________________