[ 11 ] مدة فلا محالة يجب أن يأتيه رزقه في تلك المدة طلبه أو لم يطلب إلا أن الدار دار تكليف ودار امتحان، فقد ينبغي له الطلب ويجب عليه ليعلم أنه مطيع أو عاص في اكتسابه من طريق الحلال أو من طريق الحرام، وقد يكون الطلب لطلب الفضل كما يرشد إليه قول الباقر (عليه السلام): " ليس من نفس إلا وقد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية وعوض لها بالحرام من وجه آخر فإن هي تناولت شيئا من الحرام قاصها به من الحلال الذي فرض لها وعند الله سواهما فضل كثير وهو قوله عز وجل: * (واسئلوا الله من فضله) * " (1)، فأمر بطلب الفضل والرزق منه تعالى ولم يضطره إلى طلبه من الخلق مثله ولم يرتض له بذلك. (والعلم مخزون عند أهله) وهم (عليهم السلام) أهل الذكر ومن تمسك بذيل عصمتهم وأخذ العلم من مشكاة فضلهم. (وقد أمرتم بطلبه من أهله) لقوله تعالى: * (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *. (فاطلبوه) من أهله بعد تصفية الظاهر والباطن إلى غير ذلك من آداب التعلم وشروطه المذكورة في كتب الآداب ليحصل المناسبة بينكم وبينهم وتستعدوا بذلك لانعكاس أنوار العلوم من قلوبهم إلى قلوبكم وإلا فكل واحد ليس أهلا للعلم والحكمة، وقد ورد المنع من تعليمها لغير أهلها في كثير من الروايات، والغرض من هذا الحديث الترغيب في طلب العلم عند أهله والتنفير عن طلب الدنيا لما أن أبناء الزمان كلهم عاملين بالعكس، وملخصه أن الإنسان مضطر في قبول رزقه وليس له كثير مدخل في قبوله ورده ولذلك ترى رزقه معدا وهو في بطن امه من غير حيلة له وغير مضطر في قبول العلوم، ولذلك تراه في أول الفطرة خاليا عن العلوم كلها، إذ ليس العلم من شرائط وجوده وحياته وبقائه في هذه الحياة الدنيا، بل هو مختار في طلبه إن طلبه من أهله مع شرائطه وجده وإن لم يطلبه فقده فوجب عليه طلبه من أهله والسعي في تحصيله فوق طلب المال والسعي له، والله ولي التوفيق وإليه هداية الطريق. * الأصل: 5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي عبد الله - رجل من أصحابنا - رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة ". وفي حديث آخر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا وإن الله يحب بغاة العلم ". ________________________________________ 1 - الكافي - كتاب المعيشة - باب الإجمال في الطلب، تحت رقم 2. (*) ________________________________________