[ 332 ] ضبط اللفظ المسموع بخصوصه (بك آخذ) أي بسبك اعاقب بالبعد عن مقام القرب والاحسان وبالحبس في سجون الطبايع والنسيان، وهذه المرتبة سماها مرتبة المسخ بعض أهل العرفان، أو بسببك أقبل الأعمال الموجبة للقرب (وبك أعطي) أجرا جميلا وثوابا جزيلا ومقاما محمودا فيه أنواع من الافضال والاكرام وأنحاء من الاحسان والانعام، ولدينا مزيد، وفي حذف مفعول الفعلين دلالة على التعميم ولا يبعد تنزيلهما منزلة اللازم وجعلهما كنايتين عنهما حال كونهما متعلقين بمفعول معلوم بقرينة المقام وقد مر شرح هذا الكلام مستوفى (1) مرارا وملحض القول فيه أن الاخذ والاعطاء بسبب العقل فإن زاد زادا وإن نقص نقصا حتى يبلغ إلى عقول أقوام لا يبالي بهم ولا يشدد عليهم وهم قريب المنزلة بالبهائم والله أعلم. * الأصل: 33 - " علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس بين الايمان والكفر إلا قلة العقل قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول الله ؟ قال: إن العبد يرفع رغبته إلى مخلوق فلو أخلص نيته لله لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك ". * الشرح: (علي بن محمد عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس بين الايمان والكفر) لعل المراد بالايمان هنا الايمان الكامل (2) وهو الذي يوجب القرب التام إليه سبحانه وجلب رحمته على وجه الكمال، وبالكفر الكفر المحض وهو الذي يوجب غاية البعد عنه تعالى وسلب استحقاق رحمته بالكلية (إلا قلة العقل) يعني قليل العقل متوسط بين المؤمن والكافر ليس مؤمنا حقيقيا كاملا لما فيه من قصور العقل الموجب لبعده عنه تعالى في الجملة ولا كافرا حقيقيا محضا لما فيه شئ من نور العقل الموجب لقربه تعالى في الجملة. ________________________________________ 1 - سبق مفاد هذا الحديث مرتين ومضى شرحه مرارا وذكرنا شيئا يتعلق باولية خلق العقل في التعليقات والحاصل ان وجود جزئيات الاجسام يدل على جود عالم جسماني اصله ومبدؤه المادة وتتشكل المادة تارة في صورة وتارة في صورة اخرى كذلك العقول الجزئية في افراد الإنسان تدل على جود عالم عقلي مجرد عن المادة وشأنه العلم والادراك ومبدؤه موجود مجرد وهو للعالم الروحاني بمنزلة المادة للعالم الجسماني وهو العقل الكلي الذي له اشراق على العقول الجزئية فالعقل مبدء ما لا يرى، والمادة مبدء ما يرى والفرق بينهما أن ما يتولد من المادة أفضل وأكمل من نفس المادة وما يتولد من العقل انقص منه والعقل الكلي المجرد اول ما خلق الله والعقول الجزئية اشراقات منه وبهذا الاعتبار هو مناط التكليف. (ش) 2 - انما احتاج إلى هذا التأويل لأنه لا واسطة بين الايمان والكفر عند المسلمين إلا عند طائفة شاذة من المعتزلة قد انقرضت من ثبوت المنزلة بين المنزلتين. (ش) (*) ________________________________________