[ 32 ] الضمير إلى الله لامية، وعلى الاحتمالين الأخيرين بيانية. وقيل: الهاء في " هداه " ساكنة زائدة للوقف كما في كتابيه ويا رباه ويا سيداه، وفيه نظر يعرف بالتأمل. (فبلغ (صلى الله عليه وآله) ما ارسل به) من أحوال المبدء والمعاد وجميع ما يحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة (وصدع بما امر) أي أجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا أو أظهره من صدعه إذا أظهره وبينه أو فرق به بين الحق والباطل من صدعه إذا شقه على سبيل الاستعارة، وتشبيه الفرق بينهما بصدع الزجاجة ونحوها في عدم الالتيام من باب تشبيه المعقول بالمحسوس لزيادة الايضاح، والباء على الأخيرين زائدة أو للتعدية بها على طريق التجوز، و " ما " مصدرية أو موصولة أو موصوفة، والعائد محذوف أي بما امر به (وأدى ما حمل من أثقال النبوة) الأثقال إما جمع ثقل وهو ضد الخفة أو جمع ثقل بالتحريك وهو متاع البيت والمسافر على سبيل الاستعارة، وقد أدى كلها عند الامامية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يكن أحد غيره حاملا بجميعها باتفاق الامة وقالت العامة لم يخص (صلى الله عليه وآله) أحدا من الامة بجميعها وإنما أدى جميعها إلى جميع الامة بأن أخذ كل واحد منهم ما يليق بفهمه، ثم أدوا إلى التابعين كذلك، وهكذا إلى انقراض العالم. وأنت تعلم ما في هذا القول ولكن من أضله الله فلا هادي له. (وصبر لربه) أي صبر لرضا ربه وطلب التقرب منه في تبليغ الرسالة وأداء أثقال النبوة على تحمل المشاق وأذى المعاندين وطعن الطاعنين من كفرة قريش وفسقة العرب (وجاهد في سبيله) الذي هو التوحيد ودين الحق مع قلة العدد وضعف العدد (1) (ونصح لامته) النصح في اللغة الخلوص، يقال: نصحه ونصح له، فتعديته إلى المنصوح إما بنفسه أو باللام، والمراد بنصحه لهم إرشادهم إلى مصالح دينهم ودنياهم وتعليمه إياها وعونهم عليها والذب عنهم وعن أعراضهم، وبالجملة جلب خير الدنيا والآخرة إليهم خالصا مخلصا لوجه الله، ومن ثم قيل: النصيحة في وجازة لفظها وجمع معانيها كلفظ " الفلاح " الجامع لخير الدنيا والآخرة (ودعاهم إلى النجاة) النجاة مصدر نجوت من كذا إذا تخلصت منه وتنحيت عنه، يعني دعاهم بالحكمة والموعظة الحسنة إلى نجاتهم من العقوبات والشدايد أو إلى ما به نجاتهم من المصالح وخلوص العقايد (وحثهم على الذكر) حث يتعدى بعلى، يقال: حثه على كذا إذا حضه عليه، وتعديته هنا بالى إما باعتبار أن حروف الجر قد يجئ بعضها في موضع بعض أو بتضمين معنى الدعاء ونحوه، والمراد بالذكر ذكر الله تعالى بالقلب واللسان في جميع الأحوال وله شرف عظيم قال الله تعالى * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) * قال * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا) * وقال ________________________________________ 1 - العدد - بكسر العين وفتح الدال - جمع عدة - بالضم - وهي الاستعداد. (*) ________________________________________