[ 346 ] أن للجبال نفوسا (1) نفوسا مدكرة حين الخطاب بعيد على أن الثاني لا ينافي القول بوجود النفوس لها والله أعلم، (فضربت السفينة بجؤ جؤها الجبل) في الجبل للعهد إشارة إلى الجبل الذي هو الجودي. والجؤ جؤ كهدهد الصدر (قال فظننت أن أبا الحسن (عليه السلام) عرض بنفسه) التعريض توجيه كلام إلى جانب وإرادة جانب آخر لم تذكره فالتعريض خلاف التصريح وهو (عليه السلام) أشار إلى تواضع الجودى، وما بلغه من تواضعه وأراد به تواضع نفسه المقدسة باحتقارها في ذبح الشاة فإن في ذبحها من إظهار العجز والإفتقار ما ليس في ذبح البدنة. * الأصل 13 - عنه، عن عدة من أصحابه، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال: التواضع أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه. ________________________________________ 1 - قوله " على أن للجبال نفوسا " الذي هدى الناس إلى وجود النفوس ودعاهم إلى القول به في النبات والحيوان مشاهده أمور فيها لا يمكن أن ينسب إلى الطبيعة أي الصورة النوعية ألتي وجدوا مثلها في الجمادات لعدم كونها على نهج واحد فالشجر ينمو ويتفرع من أصله الأغصان والأوراق وفي كل واحد عروق كثيرة دقيقة وغليظه وله خشب وجلد وأزهار وثمار وبالجملة له آلات مختلفة متشتتة لاعلى نهج واحد لأفعال ووظائف مختلفة متجهة إلى مقصد واحد هو مصلحة الجملة والجمادات يترتب عليها آثار على نهج واحد ولو ضم جماد إلى جماد لم يتوجها إلى مقصد واحد في آثارهما ولم يعمل كل لمصلحة الاخر كما نرى في أعضاء النبات وآلاتها، بل يعمل كل المصلحة أفراد أخر كالات التناسل في الزهر والبذر لحفظ النوع قالوا فيوجد في النبات شئ هو مبدء لامور لا يوجد مثلها في الجماد وسموه نفسا وكذلك الحيوان والإنسان، وأما الأفلاك فرأوا فيها حركة مستديرة وإن لم يروا فيها ما في النبات الحيوان من الالات المختلفة فأثبتوا لها أيضا نفوسا إذ لا يمكن نسبة حركة مستديرة إلى طبيعة جمادية مثل من يرى رحى يدور بنفسه من غير أن يرى له مديرا من ماء وهواء وغيرهما ينسب دورانه قهرا إلى جنأو ملك أي إلى موجود حي غائب له إرادة، وأما الجبال فلم يروا فيها ما يستدل به على وجود النفس إذا رأوها كساير الجمادات. ولكن عدم الاثار والشواهد لا يدل على عدم النفس. وإنما الدلالة في الوجود فقط، مثلا وجود الدخان دليل وجود النار أما عدم الدخان فلا يدل على عدم النار، وعدم مشاهدة آثار النفس في الجبال لا يدل على عدم وجود موجود حي مدبر للجبال نظير تدبير نفس الشجر للشجر. نعم يمكن أن يضايق في إطلاق إسم النفس عليه ولكنه أمر إصطلاحي أو لغوى يمكن أن يتخلص عنه بأن يسمى شيئا آخر حتى لا يكون غلطا لغويا والعمدة إثبات وجود مدبر قاهر حي مريد لتدبير كل شئ، وإصطلاح الحكماء على أن يسموا مثله عقلا ولعل الملائكة الموكلين باجبال والرياح والامطار والرعد والبرق وغيرهما على ما أشير إليه في قوله تعالى " والمدبرات أمرا " هذه الموجودات الحية العاقلة المدبرة المسماة بالعقول والله أعلم بالحقيقة والغرض رفع الإستبعاد عن كلام الشارح وإثباته النفس للجبال. (ش) (*) ________________________________________