[ 326 ] مقبلا على شأنه، حافظا للسانه. * الشرح قوله (على العاقل أن يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه) على العاقل أن يعرف حال أهل زمانه من الخير والشر والصلاح والفساد والحق والباطل ويميز بينهم ليصفوله معنى الصحبة، والعشرة ويبدوا له محل الفرقة والعزلة ويتمكن من اجراء السياسة المدنية على القوانين النبوية، ويحب لله ويبغض في الله ويراعى الحزم والتقية في موضعها وإن يقبل على شأنه فيصلح حاله ظاهرا وباطنا بالسياسة البدنية ليتمكن من العروج في المعارج الروحانية وان يحفظ لسانه عن اللغو والمزخرفات الشيطانية قال أمير المؤمنين (عليه السلام) " إذا تم العقل نقص الكلام " (1) تفكره في الله يمنعه من الاشتغال بما لا يعنيه. * الأصل ________________________________________ 1 - قوله (عليه السلام) " إذا تم العقل نقص الكلام " إن للانسان قوة تسمى بالمتخلية أو المتصرفة أو المتفكرة أو المتذكرة باعتبارات مختلفة وهي عند الحكماء قوة جسمانية يعنون ان النفس يحتاج في استخدامها إلى آلة جمسانية هي الروح المصبوب في التجويف الأوسط من تجاويف الدماغ وعملها التركيب والتفصيل في مخزونات الذهن أي في القوة الحافظة وممن يستعمل القوة المتخيلة كثيرا الشعراء إذ يتفحصون عن كل شئ وما يناسبه ويشابهه ويتتبعون صفاته ومحاسنه ومقابحه وعما يؤثر في نفوس السامعين من الشوق والنفرة وأمثال ذلك وهذا البحث البالغ عن مكنونات الخواطر لقوت من قوى الانسان يختلف فيها أفراد البشر ضعفا وشدة. ويستعملها أيضا المخترعون والمهندسون بجمع الاشكال وتفريقها ويستعملها العلماء والحكماء عند الاستدلال والتفكر في تهية المقدمات وتركيبها واستباط المجهولات من المعلومات بتفحص ما في حافظتهم ليجدوا ما ينفع في مقصودهم ويستعملها الناس جميعا لتذكر ما غاب عن ذهنم بتتبع ما أرتكر في خاطرهم حتى يتذكروا ما لم ينسوه وقد يتسلسل بسببها مكنوناتهم باختيارهم أو بغير اختيارهم خدمة لقوتهم المسماة بالواهمة وقد اشرنا إلى الواهمة. وعلى كل حال المتخيلة قوة جسمانية إذ يعرض بكثرة أعمالها الكلال والاعياء بل العجز وهذه من صفات الأجسام بخلاف العقل فإن لا يكل بتكثر المعقولات ولا يعجز عن حملها والعقل إذا تم وكمل منع بقاهريته جميع القوى عن الاسترسال فيما لا يفيده وأجبرها على خدمته فلا مجال لمنخيلة العقل إلا في التفكر الصحيح ولذلك قد تسمى متفكرة ولا يبقى لها فرصة لتركيب المفاهيم والمعاني واحضار مكنونات الخواطر مما لا يفيد فائدة أو يفيد ولو صرف النظر عن هذه النقصية والعيب فالكلام بنفسه دليل على العقل وأن صاحبه مدرك للكليات الالفاظ غالبا كليات ولذلك سمى ادراك الكليات نطقا ولا يتكلم الحيوان إذ لا يدرك الكلى بل إنما يتأثر حاسته من الموجودات الخارجية فقط ومن الله تعالى على الإنسان بتعليم البيان فمقصود الإمام (عليه السلام) نقص الكلام وفي الفضول وما يعني ولا ينفع أو يضر، وخلق الكلام ليكون معينا للعقل لاليمنعه عن وظائفه. (ش) (*) ________________________________________