[ 424 ] الفضلاء وأعلم العلماء، وكان علي (عليه السلام) في غاية الحرص في طلب العلم وكان محمد (صلى الله عليه وآله) في غاية الحرص في تربية علي (عليه السلام) وفي إرشاده إلى اكتساب الفضائل، ثم إن عليا (عليه السلام) ربي من صغره في حجر محمد (صلى الله عليه وآله) وفي كبره صار ختنا له وكان يدخل إليه في كل الأوقات، ومن المعلوم أن التلميذ إذا كان في غاية الذكاء والحرص في التعلم وكان الأستاد في غاية الفضل وفي غاية الحرص على التعليم ثم اتفق لمثل هذا التلميذ أن يتصل بخدمة هذا الأستاد من زمان الصغر وكان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا في كل الأوقات فإنه يبلغ ذلك التلميذ مبلغا عظيما. وهذا بيان إجمالي في أن عليا (عليه السلام) كان أعلم الصحابة فأما أبو بكر إنما اتصل بخدمته في زمان الكبر وأيضا ما كان يصل إلى خدمته في اليوم والليلة إلا مرة واحدة زمانا يسيرا وأما علي فإنه اتصل بخدمته في زمان الصغر، وقد قيل " العلم في الصغر كالنقش في الحجر، والعلم في الكبر كالنقش في المدر " فثبت لما ذكرنا أن عليا كان أعلم من أبي بكر. * الأصل: 2 - علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) بالثعلبية وهو يريد كربلاء، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين (عليه السلام): من أي البلاد أنت ؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل (عليه السلام) من دارنا ونزوله بالوحي على جدي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا، فعلموا وجهلنا ؟ هذا ما لا يكون. * الشرح: قوله (بالثعلبية) في الصحاح: الثعلبية: موضع بطريق مكة، وفي المغرب: الثعلبية بضم اللام: من منازل البادية ووضعها موضع العلث في حد السواد خطأ، وفيه العلث بفتح العين وسكون اللام: قرية موقوفة على العلوية وهي أول العراق شرقي دجلة. قوله (لأريتك أثر جبرئيل (عليه السلام) من دارنا ونزوله بالوحي على جدي) هذا كناية عن كونهم معادن العلوم والمعارف والشرائع والآداب والأخلاق واحتياج الناس إليهم في الأخذ والتعليم والاسترشاد والاستفاضة. قوله (أفمستقى الناس العلم من عندنا) الاستفهام للتقرير وإضافة المستقى إلى الناس من باب إضافة المصدر إلى الفاعل إن كان على صيغة اسم المفعول ومن باب إضافة اسم الفاعل إلى فاعله إن كان على صيغة اسم الفاعل، والعلم على التقديرين منصوب على المفعولية فقد شبه العلم ________________________________________