[ 402 ] إلا الله والراسخون في العلم، فينبغي أن لا يعترفوا ولا يردوا ما لم يعرفوا، كما يفعله المبتدعة بل يجب عليهم التسليم بما صح نقله عنهم (1). قوله (والرد إليهم) فيما اختلفوا كما قال جل شأنه: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول) * وإنما لم يذكر أولي الأمر في الحكم بالرد للتنبيه على أن الرد إليهم رد إلى الرسول لكمال الاتصال بينهم ولذلك ترك الفعل في الحكم بالإطاعة. ________________________________________ = بالنسبة إلى خدمه وعبيده وأولاده، ويجب التسليم لجميع ما ورد منهم (عليهم السلام) ورد علمه إليهم سواء عرفنا حقيقته أم لا وإن كان فيما ورد عنهم ما نعلم قطعا عدم صحته كتجويز الطلاق ثلاثا من غير رجعة أو المسح على الخفين أو بماء جديد فلا نرفع اليد عن المسلمات والضروريات، ومع ذلك نرد علم ما خالفه إليهم وما ورد في المبدء والمعاد والمعراج والنبوة وعذاب القبر وثوابه من الأمور التي لا نعرف حقيقتها خصوصا فيما يتعلق بتجسيم الله تعالى مما نعلم عدم إرادة الظاهر منها كذلك نسلمها من غير بحث ونرد علمه إليهم، مثلا كيف يعذب أحد في القبر ولا يراه أحد وكيف يكون القبر للصلحاء روضة من رياض الجنة وبجنب الصالح رجل شقي وقبره مملوء نارا ولا يستفيد هذا من روضة ذلك ولا يستضر ذلك من نار هذا، وما كان السماوات التي عبرها النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة المعراج وما نقله لنا مما رآه هناك من الملائكة والجنة والنار وتعذيب أهلها هل كان بحيث يراه كل أحد غيره إن صعد إلى السماء أو هي أمور ملكوتية تختص رؤيتها بالنبي (صلى الله عليه وآله) وغير ذلك، ولو عمل الناس بهذه القاعدة أعني التوقف والتسليم لم يضلوا، ولكن أصر بعضهم على التمسك بالظاهر فوقعوا في التجسيم وأثبتوا له تعالى عينا ويدا ووجها ورأوا الخروج من ظاهر الألفاظ بدعة مضلة وبعضهم أصر على التأويل وكما أن التأويل مزلة كذلك الإصرار على الظاهر مزلة. ثم اعلم أن ما يتضمن هذه الروايات من الأصول الاعتقادية لا يجب أن يكون معلوما تفصيلا لجميع الناس بل يكفي فيه العلم الإجمالي والتصديق بالواقع وإن كان مجهولا لنا كيفية وتفصيلا، ونظيره تفاصيل الرجعة وما سبق من أعمال القائم (عليه السلام) ونوابه بل وتفصيل أحواله زمان الغيبة وغير ذلك إذ لا يتعلق بالعمل وما يتبادر إليه الذهن ليس بحجة كما كان يتبادر إلى ذهن كثير منهم إن الفرج قريب جدا وإنما التبادر حجة فيما يتعلق بالأعمال الفرعية التي لابد أن يعلم المكلف بها تفصيلا حتى يتمكن من العمل ويعذر إن أخطأ في فهم المراد وعمل على وجه لم يرده الشارع وقد تبين في الأصول أن تأخير البيان عن وقت الخطاب جائز لا عن وقت العمل (ش). (1) قوله " بما صح نقله عنهم " لعل المقصود ما يعلم صدوره عنهم يقينا لا الصحيح المصطلح عند الرواة أي الذي يكون رواته عدولا إماميين والحق أن التسليم لا يختص بالرواية الصحيحة بل كل ما يحتمل صدوره عنهم وإن روى بإسناد ضعيف وليس معنى التسليم الحكم بالوقوع قطعا كما سيأتي في الحديث السادس فيما بلغني عنهم وما لم يبلغني أما التسليم بمعنى الحكم بالوقوع فمختص بما روي متواترا نصا غير محتمل التأويل. (ش) (*) ________________________________________