[ 398 ] الفعل المتقدم وقوله الخلق غيرنا (1) جواب له، وحاصله أن مصداق الجبل في الكلام المتقدم خلق غيرنا أهل البيت لأن الله خلق طينتنا من عشر طينات ولأجل ذلك شيعتنا منتشرة في الأرضين والسماوات وجبل فينا الروحين جميعا انتهى، أقول: يمكن أن يراد بالخلق الجماعة من المخلوقات ويجعل مبتدء وما بعده خبره ويراد حينئذ بالجبل الجماعة المذكورين من الناس وغيرهم الذين جبلهم الله تعالى من إحدى الروحين وإحدى الطينتين. قال الجوهري: الجبل الجماعة من الناس وفيه لغات قرء بها قوله تعالى: * (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) * [ بضم الجيم وسكون الباء ] عن أبي عمرو. وجبلا [ بضمهما ] عن الكسائي وجبلا [ بكسر الجيم وسكون الباء ] عن الأعرج وعيسى بن عمر. وجبلا بالتشديد والكسر عن أهل المدينة. ونقل عن الشيخ بهاء الملة والدين أن معنى قوله " الخلق غيرنا " أن مادة بدننا لا تسمى جبلة بل تسمى طينة لأنها خلقت من العشر طينات. انتهى. وفيه أن هذا الكلام لا يدل على هذا المعنى على أنه لا وجه لتخصيصهم بذلك لأن غيرهم من الأنبياء خلقت أبدانهم من الخمس طينات. قوله (فأطيب بها طيبا) (2) الظاهر أن الضمير راجع إلى العشر طينات والروحين وأن أطيب ________________________________________ (1) قوله " الخلق غيرنا جواب له " حمله الاسترآبادي على غير محمله لأن قوله (عليه السلام): الخلق، جواب فقط " وغيرنا أهل البيت " مستثنى من قوله في الجملة السابقة " ما من نبي ولا ملك انتهى " يعني كل نبي وملك من إحدى الطينتين وأحد الروحين غيرنا أهل البيت فإنا من كليهما والجملة المعترضة تمت عند قوله: الخلق يعني، سألته (عليه السلام) عن معنى الجبل فقال (عليه السلام): الجبل بمعنى الخلق. ثم رجع الراوي إلى كلامه السابق وأتمه بالاستثناء، وعلى هذا فقول الشارح: ويجعل مبتدء وما بعده خبره أيضا غير صحيح بل هو أفحش (ش). (2) قوله " فأطيب بها طيبا " قال صاحب الوافي (رحمه الله) ونقله المجلسي في المرآة أيضا: كأنه شبه علم الأنبياء ( بالنهر لمناسبة ما بينهما في كون أحدهما مادة حياة الروح والآخر مادة حياة الجسم وعبر عنه بالنور لإضاءته وعبر عن علم من دونهم من العلماء بنور النور لأنه من شعاع ذلك النور، وكما أن حافتي النهر يحفظان الماء في النهر ويحيطان به فيجري إلى مستقره كذلك الروحان يحفظان العلم ويحيطان به ليجري إلى مستقره وهو قلب النبي (صلى الله عليه وآله) أو الوصي والطينات الجنانية كأنها من الملكوت والأرضية من الملك فإن من مزجهما خلق أبدان نبينا والأوصياء (عليهم السلام) من أهل البيت بخلاف سائر الأنبياء والملائكة فإنهم خلقوا من إحدى الطينتين كما أن لهم أحد الروحين خاصة من بعد جبله خلقه دون مرتبته. انتهى. وانما عبر بكأن الدال على ترديده لعدم حكمه بأن مراد الإمام (عليه السلام) ما ذكره ولا بأس به لأن الحديث غير نقي الإسناد وليس معناه من واجبات الاعتقاد والغرض التبرع بالشرح إن فرض صدوره من الإمام (عليه السلام) وهذا الحديث على فرض صحته مصداق ما ورد: " إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان " وفيه رد على من زعم أن ما لا يفهمه العقول السذج فهو باطل وأن كل ما ورد في الأحاديث يجب أن يعرفه جميع الناس وإلا فهو زخرف ونحن نرى في الأحاديث أمورا يختص بفهمه الحكماء الإلهيون الماهرون في = (*) ________________________________________