[ 381 ] الأرض، وأما رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الأعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي. فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه، رافعا رأسه إلى السماء يقول: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل ؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: * (تنزل الملائكة والروح) *. محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن المختار بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله. * الشرح: قوله (فلما نزلنا الأبواء) (1) قال في النهاية: الأبواء بفتح الهمزة وسكون الياء والمد جبل بين ________________________________________ (1) " فلما نزلنا الأبواء " محمد بن سليمان الديلمي راوي الحديث ضعيف جدا على ما ذكره علماء الرجال ولكن لا داعي إلى رده وتكذيبه لأن له معنى صحيحا معقولا على ما يعتقده الحكماء الإلهيون في تركب الجسم من الهيولى والصورة وأن الصورة شريكة لعلة الهيولى وأن قوام الصورة والجسم بموجود عقلي مجرد هو علته وعلة الصورة وهو مقوم للهيولى بسبب الصورة وقد تحقق لديهم أن العلة ليست مباينة للمعلول بينونة عزلة فيستنتج من جميع ذلك أن كل جسم مركب من هيولى وصورة جسمية ونوعية متعلقة بموجود مجرد عقلاني غير مباين عنه فصح أن شيئا من عالم الملكوت دخيل في تقويم الأجسام وهذا في المركبات المزاجية أظهر منه في البسائط وفي النبات والحيوان أظهر منه في المركبات المعدنية وفي الإنسان أظهر منه في غيرهم إذ لولا تأثير ذلك الموجود الملكوتي في تكون الأمزجة من العناصر المتداعية إلى الانفكاك لم يعقل بقاء المركب كالماء مثلا عند أهل عصرنا من الأوكسجين والهيدروجين مع اختلاف ثقلهما آلافا من السنين في البحار ولا بقاء الأوراق والثمار على الأشجار مدة طويلة بحيث لو فصل من الشجر لذبل بعد يوم وفسد، واللحم والشحم في بدن الحيوان متصلا يبقى سنين ولو انفصل لتعفن وفسد في بضعة أيام ولولا معيته مع الجنين في رحم أمه لم يعقل حصول تلك الحكم والمصالح المرعية فيه وأما الإنسان فإدراكه العقلي قوة له حاصلة من الملكوت كشعاع من الشمس وهو واضح فبالأولى أن يكون الروح القدسي المسدد للحجج (عليهم السلام) من تحت العرش فائضا عليهم من أول تكونهم. وبالجملة عالم العناصر جميعه تحت تدبير العقل المجرد ويختلف حظهم منه على حسب استعدادهم فالروح القدسي بقدره والعقل بقدره والحيوان = (*) ________________________________________