[ 74 ] باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (عليهم السلام) * الأصل: 1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: * (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) * قال: خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده. * الشرح: قوله (وكذلك أوحينا إليك) أي أرسلنا وألقينا إليك روحا. قال بعض المفسرين: المراد بالروح هنا القرآن لأن به حياة القلوب الميتة بالجهل وحياة الدين كما أن بالروح حياة الأبدان، وقال بعضهم: المراد به جبرئيل (عليه السلام) وهذا الحديث دل على أن المراد به غيرهما. قوله (من أمرنا) أي بأمرنا ومن أجله، ويحتمل أن يكون صفة ل‍ " روحا " أو حالا عنه. يعني أنه من عظم الأمر وهو عالم المجردات (1) لا من عالم الخلق وهو عالم الجسمانيات، وقيل: يرشد إليهما قوله تعالى: * (ألا له الخلق والأمر) *. قوله (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) أي ما كنت تعلم قبل إنزال الروح (2) ما الكتاب ________________________________________ (1) قوله " من عالم الأمر وهو عالم المجردات " وإنما يسمى عالم المجردات عالم الأمر مع أن الجسمانيات أيضا بأمر الله تعالى لأن حدوث الجسمانيات إنما هو بعد استعداد المواد بأسباب معدة يظن أنها علل وجودها كالحرارة لذوبان الجسم وتبخير الماء ونزول المطر لبرودة تعرض في البخار ونور الشمس لنمو النبات فينسب في الظاهر إلى تلك الأسباب المعدة وأما عالم المجردات فليس ما فيه لسبب ظاهر يعدله فينسب إلى أمر الله محضا والروح من أمر الرب إذ ليس له سبب جسماني ظاهر، وإلا فالحقيقة أن كل شئ بأمر الله تعالى وكذلك وحي ا لأنبياء ليس له سبب ظاهر كتعلم وقراءة وإسناد وكتابة من الأسباب الظاهرة فهو من أمر الله تعالى. وقد يستشكل في نسبة الوحي إلى الروح لأن الوحي ينسب إلى المعاني والعلوم لا إلى الجواهر والموجودات المستقلة والمناسب فيها الإرسال ولا يقال: أوحى جبرئيل أو الملائكة إلى الأنبياء بل أرسلهم والجواب ان الروح بناء على كونه خلقا من خلق الله وإن كان جوهرا مستقلا تناسبه كلمة الإرسال لكن باعتبار كونه مع النبي (صلى الله عليه وآله) ومبدء علمه وسبب عصمته عن الخطأ فيما يرد في قلبه صح اطلاق الوحي عليه. (ش) (2) قوله " قبل إنزال الروح " لا قبلية زمانية بل ذاتية إذ لم يكن زمان كان فيه نبينا جاهلا بالكتاب وغير عارف بالله = (*) ________________________________________