[ 54 ] أرباب فنحن منه براء ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن عنه براء كبراءة عيسى بن مريم من النصارى " وما روي عن زرارة قال: " قلت للصادق (عليه السلام): إن رجلا من ولد عبد المطلب بن سبأ يقول بالتفويض فقال: وما التفويض ؟ فقلت: إن الله عزوجل خلق محمدا (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليهما السلام) ثم فوض الأمر إليهما فخلقا ورزقا وأحييا وأماتا، فقال (عليه السلام): كذب عدو الله إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد * (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار) * فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بما قال الصادق (عليه السلام) فكأنما ألقمته حجرا - أو قال فكأنما خرس " - وأما الثاني فأقسام منها تفويض أمر الخلق إليه بمعنى أنه أوجب عليهم طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه سواء علموا وجه الصحة أم لم يعلموا وإنما الواجب عليهم الانقياد والإذعان بأن طاعته طاعة الله تعالى. ومنها تفويض القول بما هو أصلح له أو للخلق وان كان الحكم الأصلي خلافه كما في صورة التقية وهي أيضا من حكم الله تعالى إلا أنه منوط على عدم إمكان الأول بالإضرار ونحوه. ومنها تفويض الأحكام والأفعال بأن يثبت ما رآه حسنا ويرد ما رآه قبيحا، فيجيز الله تعالى لإثباته إياه. ومنها تفويض الإرادة بأن يريد شيئا لحسنه ولا يريد شيئا لقبحه فيجيز الله تعالى إياه. وهذه الأقسام الثلاثة لا تنافي ما ثبت من أنه لا ينطق إلا بالوحي لأن كل واحد منها ثبت من الوحي إلا أن الوحي تابع لإرادته يعني إرادة ذلك فأوحى إليه كما أنه أراد تغيير القبلة وزيادة الركعتين في الرباعية والركعة في الثلاثية وغير ذلك فأوحى الله تعالى إليه بما أراد، إذا عرفت هذا حصلت لك بصيرة على موارد التفويض في أحاديث هذا الباب فليتأمل. قوله (وما أتاكم الرسول فخذوه) هذا ظاهر في القسم الأول (1). قوله (ونحن فيما بينكم وبين الله عزوجل) نبين لكم ما أراد الله منكم ونحصل لكم ما أردتم منه ونوردكم مورد الكرامة منه. قوله (في خلاف أمرنا) خلافه عبارة عن عدم الاعتقاد بحقيته سواء كان مع الاعتقاد بحقية نقيضه أم لا. * الأصل: 2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكار بن بكر، عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [ به ] الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين، فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا ________________________________________ (1) قوله " ظاهر في القسم الأول " لكن الحق أن المراد به التفويض في الأحكام بقرينة سائر الروايات. (ش) (*) ________________________________________