[ 7 ] ومنقلبنا ومنصرفنا) أي سيرنا إلى الأعداء وانقلابنا في الطريق وفي حال القتال من مكان إلى مكان ومن حال إلى حال وانصرفنا إلى منازلنا، فلما بلغ كلامه إلى هذا المقام علم (عليه السلام) أنه أخطأ في معنى القضاء والقدر (فقال له) على سبيل الإنكار والتوبيخ (وتظن أنه) الواو للعطف على مقدر، أي أظننت قبل الجواب بأن لكم الأجر العظيم وتظن بعده أن سيركم وانقلابكم وانصرافكم وغيرها مما تعلق به القضاء والقدر (كان قضاء حتما) الحتم: مصدر بمعنى إحكام الأمر وإبرامه تقول حتمت عليه الشئ حتما إذا أوجبته وأحكمته عليه بحيث لا يكون في وسعه خلاف ذلك فالوصف به إما للمبالغة أو بجعله بمعنى المفعول أي محتوما محكما مبرما (وقدرا لازما) لا يكون لكم اختيار في متعلقهما ولا قدرة على الفعل والترك حتى تكونوا مجبورين مضطرين إذ القضاء والقدر إذ تعلقا بأفعال العباد يراد بهما الأمر والنهي (1) عنهما وتبيين مقاديرها من حدودها وحسنها وقبحها ومباحها وحظرها وفرضها ونفلها ولا يراد بهما أنه تعالى خلقها وأوجدها. (أنه لو كان كذلك) أي قضاء حتما وقدرا لازما (لبطل الثواب والعقاب) لأن الثواب نفع يستحقه العبد بالإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات والعقاب ضرر يستحقه بالإتيان بالمنهيات والاجتناب عن الطاعات وهما تابعان للاختيار ولا يتحققان مع الإجبار (والأمر والنهي) إذ طلب الفعل وطلب الترك متفرعان على الأختيار ولا يتصوران مع الإجبار، ألا ترى أن من طلب الطيران عن الإنسان وطلب عدم الإحراق عن النار يعده العقلاء سفيها جاهلا مجنونا كاملا (والزجر من الله) لأن زجره للعبد عن المعاصي ومنعه عن الإتيان بها بشرع القصاص وتعيين الحدود ونحوها إنما يتصور إذا كان العبد قادرا على الإتيان بها غير مجبور على تركها ؟ ألا ترى أنك ________________________________________ 1 - قوله " يراد بهما الأمر والنهي " أقول: هذا غير كاف في توجيه القضاء والقدر بل هما زائدان على الأمر والنهي وتبيين مقادير الأفعال والصحيح ما قال المفيد عليه الرحمة أن الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحد لهم الحدود في ذلك ورسم لهم الرسوم ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد فلم يكن تمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها ولم يفوض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها ووضع الحدود لهم فيها انتهى. فإن قيل: هل يحتمل التخلف في علم الله وقضائه ؟ قلنا: لا يحتمل التخلف ولا يلزم الجبر لأن الفعل الاختياري قد لا يحتمل التخلف أصلا كصدور القتل والزناء والسرقة عن العادل والمعصوم فإنه لا يقع حتما مع كونه اختيارا ولا يحتمل أن يأكل إنسان القاذورات مع كونه مختارا فقوله (عليه السلام) " قضاء حتما " أي جبرا " وقدرا لازما " أي قدرا يجب أن يقع وإن لم يرده الإنسان المكلف ويختاره. (ش) (*) ________________________________________