[ 269 ] (ولو شاء أن يذبحه) كذلك (لما غلبت مشية إبراهيم) ترك الذبح والإعراض عنه بعد الاشتغال به (مشية الله تعالى) ذبحه حتما لأنه (عليه السلام) حينئذ كان مجبورا بالذبح غير قادر على تركه، والله أعلم. * الأصل: 5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض، شاء أن لا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك ولم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة ولم يرض لعباده الكفر. * الشرح: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: شاء وأراد ولم يحب (1) ولم يرض) هذا باعتبار المطلق مجمل فسره بقوله (شاء أن لا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك) قد عرفت أن الإرادة آكد من المشية يعني شاء وأراد إرادة حتم أن يتعلق علمه بكل شئ من الأشياء إلا بعلمه وهذا أحد التأويلات لتعلق مشيته وإرادته بكل شئ خيرا كان أو شرا (ولم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة) المحبة في حق العبد ميل النفس أو سكونه بالنسبة إلى موافقه وملائمه عند تصور كونه ملايما وموافقا له، وهذا مستلزم لإرادته إياه، ولما كانت المحبة بهذا المعنى محالا في حقه تعالى يراد بها ذلك اللازم يعني لم يرد أن يقال: هو إله من الآلهة الثلاثة: الله وعيسى ومريم كما قالت النصارى ودل على قولهم ذلك قوله تعالى * (ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين) * (ولم يرض لعباده الكفر)، لأن الرضا بالكفر قبيح لا يجوز إسناده إليه تعالى، وفيه رد على ________________________________________ = هذه الأمور، وكان دأب علمائنا اقتباس العلم من كل من يجدون عنده علما واستحسان ما هو حسن من كل أحد وأظن أني رأيت في سفينة البحار نقل كتاب منه إلى الفخر الرازي في النصيحة يليق على ما اصطلحوا عليه في التحسين أن يكتب بالنور على صفحات خدود الحور. ثم إن صدر المتألهين قال: ليس المراد كما يتراءي من ظاهر الكلام أنه سبحانه قد يأمر وينهى من غير ارادة بإتيان المأمور أو ترك المنهي عنه، حاشا عن ذلك، قياسا على السيد الذي يأمر عبده بشئ يريد عدم إتيانه به ليظهر عذره على من يلومه بإيذاء عبده انتهى، وذلك لأن ظاهر الأمر يدل على حقيقة الارادة والطلب، وخلافه بمنزلة الكذب في الإخبار إغراء بالجهل وقبيح وليس في حكمته تعالى الإغراء بالجهل. (ش) 1 - قوله: " شاء وأراد ولم يحب " هذا حديث محكم واضح المعنى موافق للمعلوم من مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وللعقل، ويجب إرجاع ساير الأحاديث من المتشابهات إلى هذا المحكم الواضح وحاصله أنه تعالى أراد من العباد الخير والصلاح إرادة غير جبرية بل بأن يختاروا الخير بأنفسهم فلم يوجب كما أوجب في التكوينيات ولو فعلوا خلاف ما أمروا به لم يرض بفعلهم. (ش) (*) ________________________________________