[ 267 ] علمه بوقوع ذلك الشئ لعلمه بعدم وقوعه. ومعنى قوله " وشاء ولم يأمر " هو أنه أراد تعلق علمه بوقوع شئ لعلمه بوقوعه ولم يأمر بذلك الشئ لأنه يكرهه، وتوجية ثالث بناء على أن المراد بالمشية العلم وهو أنه أمر بشئ ولم يعلم وقوع ذلك الشئ لعلمه بعدم وقوعه فلا يتعلق علمه بوقوعه و " شاء " يعني علم وقوع شئ ولم يأمر به لكونه غير مرضي له، والتوجيه الاول أقرب والثالث أبعد، لأن إطلاق المشية على العلم لم يثبت لغة ولا عرفا. وحمل الحديث على التقية محتمل أيضا. * الأصل: 4 - علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني، ومحمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إن لله إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى. * الشرح: (علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني، ومحمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: إن لله إرادتين ومشيئتين (1) إرادة حتم) أي أرادة حتمية ومشيئة قطعية لا يجوز تخلف المراد عنها كما هو شأن إرادته ومشيئته بالنسبة إلى أفعاله (وإرادة عزم) أي إرادة عزمية غير حتمية ومشية تخييرية غير قطعية يجوز تخلف المراد عنها، كما هو شأن إرادته ومشيته بالنسبة إلى أفعال العباد ________________________________________ 1 - قوله: " إرادتين ومشيتين " ظاهر هذا الحديث أيضا يخالف ما هو المعلوم من مذهب الامامية وهو اتحاد الطلب والارادة ويوافق مذهب الأشاعرة من اختلافهما، وذلك لأن المراد من إحدى الارادتين الطلب التكليفى والتشريعي وهو الأمر والنهي والأخرى الارادة التكوينية، وعند الأشاعرة يجوز الأمر بشئ يريد الله تعالى أن لا يقع البتة، والنهي عن شئ يريد أن يقع البتة، ومذهبنا أنه ليس له تعالى في أقعال العباد إلا الأمر والنهي ولا إرادة ولا طلب غير مفاد الأمر والنهي، فلا يريد كفر أبي لهب تكوينا ولا أكل آدم من الشجرة تكوينا إن فرض نهيه عنه تشريعا وإنما يريد صدور الأفعال عن الناس باختيارهم وإن كان تعالى يعلم أنهم يختارون العصيان لكن لا يريد صدور العصيان منهم، والعلم بالعصيان غير ارادة العصيان، وبالجملة فلابد من تأويل الحديث أو رده إن لم يمكن التأويل حتى لا يخالف المذهب. ولو كان الله تعالى أراد تكوينا من الإنسان شيئا وكان الإنسان مقهورا عليه لم يجز له تعالى أن يأمره تكليفا بضده، فقوله (عليه السلام) - إن صحت النسبة - " نهى آدم عن أكل الشجرة وشاء ذلك، ليس معناه شاء أكله قهرا وجبرا بل شاء كونه مختارا في الأكل وتركه، وعلم أنه يأكل باختياره فإن استبعد أحد حمل اللفظ على هذا المعنى ولم يرض بالتأويل نرد الخبر على أي حال لمخالفة المعلوم. وقوله " لو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت - إلى آخره " غير باق على ظاهره أيضا ومعناه لو شاء أن يأكلا لكان قادرا على جبرهما لكن لم يجبرهما على ترك الاكل. (ش) (*) ________________________________________