[ 676 ] " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " (1) فأمر الامامة من تمام الدين، ولم يمض عليه السلام حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علما وإماما، وما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله العزيز ومن رد كتاب الله (عزوجل) فهو كافر، هل تعرفون قدر الامامة و محلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم ؟ إن الامامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، وأ ويقيموا إماما باختيارهم، إن الامامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره (2) فقال عز وجل: " إني جاعلك للناس إماما " (3) فقال الخليل عليه السلام سرورا بها: ومن ذريتي ؟ قال الله تبارك وتعالى: " لا ينال عهدي الظالمين " فأبطلت هذه الاية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة، ثم أكرمها الله عز وجل بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال عزوجل ": و وهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة وكانوا لنا عابدين " (4). فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله عزوجل: " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " (5)، فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه واله وسلم عليا عليه السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرضها الله عزوجل فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان لقوله عزوجل: " وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في ________________________________________ (1) المائدة: 5. (2) الاشادة: رفع الصوت بالشئ. (3) البقرة: 124. (4) الانبياء: 73 و 74. (5) آل عمران 68. (*) ________________________________________