[ 12 ] ورقيها، ومقياسا لرشدها. فطواها الدهر طي السجل، ومحا آثارها التي تسمو وتجل، فقد طال على فقدها الامد، وتقضت على ضياعها المدد. وليس البلاء منحصرا بكتب الصدوق قط بل عم مؤلفات جم غفير من العظماء هذا ابن قولويه لم يبق من تآليفه إلا كامل الزيارات مع أنها تربو عدد أبواب الفقه. وهذا شيخنا المفيد له نحو من مائتي مصنف ضاعت واندرست فلم يبق منها إلا قليل. وهكذا كتب الشيخ الطوسي، وكتب العلامة الحلي - رحمهما الله - وقد نقل الطريحي في مجمعه عن بعض الافاضل أنه " وجد بخط العلامة الحلي خمسمائة مجلد من مصنفاته غير خط غيره من تصانيفه " فضاعت تسعة أعشارها وصارت عرضة للناهب، وفقدت فأصبحت كأمس ذاهب. وذلك من أجل ما نشب بين أجيال المسلمين خلال القرون الماضية حروب طاحنة وفتن غاشمة، ووقعت كثيرة من المكتبات معرض الاغارة والنهب، والتبار والبوار، فتعرضوا لها تارة بالغرق واخرى بالاحراق، والتى بقيت بعدها تيك الكوارث صارت عرضة للغارات في حادثة التاتار، فلم تزل هدفا للافات والحدثان حتى في الاونة الاخيرة إذ نحن في غفلة جاء أناس من أقصى البسيطة عرفوا قيمة الكتاب، قيمة التأليف قيمة العلم فأغاروا على بقية ما بأيدينا من هذه الثروة العلمية الطائلة، وشروها منا بثمن بخس دراهم معدودة. وكنا فيها من الزاهدين. وإني لا أريد أن أزعجك بتطويل الكلام، وما هو بالمقصود والمرام، بل هو شئ أدى إليه مساق الكلام، وأود في هذا المقام أن يقف القارئ عند هذه الملاحظة حتى يرى بعيني الحقيقة ودقة النظر ما ينطوى عليه موقفنا من الخطر، إذ نحن تقاعسنا عن بذل كل مجهود في هذا السبيل. وليس بعيب لنا أن نواجه الحقائق أو نرى بعين الواقع. هذا مجمل القول فيما جرى على الكتب المخطوطة. وأما الكتب المطبوعة، فيالله منها إذ أكثرها طبعت ونشرت على صورة سخيفة مشوهة، وسوى ما فيها من نقص وتحريف أو خطأ وتصحيف لم يعرف فيها أصولها ________________________________________