[ 314 ] ودخل فرغانة، وسمع بها من محمد بن جعفر البندار الشافعي وإسماعيل ابن منصور بن أحمد القصار وتميم بن عبد الله بن تميم القرشي وغيرهم. وهكذا نرى المؤلف وهو في سن الشيخوخه - إذ قد تجاوز الستين - لا يزال يطوي المسافات الشاسعة في طلب الحديث وسماعه وإسماعه، ومعه من مصنفاته 245 كتابا. وأكبر الظن أنه لم يسافر بعد سفره إلى ديار ما وراء النهر في سنة 368 حتى توفى سنة 381 بالري، إذ لم نعثر على ما يشير إلى ذلك، ولا شك أنه كان في أخريات أيامه بالري حيث أقام بها بعد أن قطع المسافات الشاسعة وطاف كثيرا من البلدان النائية في سبيل سماع الحديث وإسماعه لم يتلهف لماضي تمنى رجوعه، كما لم يتوجع لحادث يخشى وقوعه، بالرغم من تقدم سنه في الشيخوخة، ومضافا إلى مكانته الاجتماعية وصلاته الوثيقة برجال الحكم في الري فأنه لو أراد أن ينعم بظلال الحياة الوارف كغيره من القابعين في بيوتهم لكان ذلك من أيسر ما يروم، لكنه العالم الذي عرف لذة العلم، فهو لا يأنس إلا بكتابه ولا يطربه إلا صرير قلمه، ولا يرى الكرامة والسعادة إلا بين المحابر والدفاتر، فلا غرابة إذا ما أنتج عقله النتاج القيم، وأثمر علمه الكثير الطيب، فهو في نحو سبعة عقود ونصف من أعوام الحياة التي عاشها غذى المكتبة الاسلامية في فنون العلم والآداب نحوا من ثلاثمائة مصنف (1) وقيل أكثر من ذلك. وقد ذكر سماحة سيدي الوالد دام ظله في رسالته حياة الشيخ الصدوق تفصيل أسماء آثاره مع الاشارة إلى ما وصلت إلينا نسخته وهو يبلغ العشر بالنسبة إلى ما حفظ إسمه وإندثر رسمه ومجموعها (220) كتابا ورسالة أما ما بقي فقد إستأثر به التاريخ فلم يسمح حتى باسمه. ________________________________________ (1) فهرست الطوسي ص 135، ومعالم العلماء ص 111 وراجع بشأنها مقدمة الفقيه ص 34 إلى 60. (*) ________________________________________