الحاجة بل يظهر اللدد والكذب لإيذاء خصمه وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر خصمه وكسره ومثله من يخلط الخصومة بكلمات تؤذي وليس إليها ضرورة في التوصل إلى غرضه فهذا هو المذموم بخلاف المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد وإسراف وزيادة الحجاج على الحاجة من غير قصد عناد ولا إيذاء ففعله هذا ليس مذموما ولا حراما لكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا وفي بعض كتب الشافعية أنها ترد شهادة من يكثر الخصومة لأنها تنقص المروءة لا لكونها معصية باب الترغيب في مكارم الأخلاق عن بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا متفق عليه عن بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي بفتح حرف المضارعة إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا متفق عليه الصدق ما طابق الواقع والكذب ما خالف الواقع هذه حقيقتهما عند الجمهور من الهادوية وغيرهم والهداية الدلالة الموصلة إلى المطلوب والبر بكسر الموحدة أصله التوسع في فعل الخيرات وهو اسم جامع للخيرات كلها ويطلق على العمل الصالح الخالص وقال بن بطال على قوله وإن البر إلى آخره مصداقه قوله تعالى إن الأبرار لفي نعيم وقال علي قوله وما يزال الرجل يصدق إلى آخره المراد يتكرر منه الصدق حتى يستحق اسم المبالغة وهو الصديق وأصل الفجور الشق فهو شق الديانة ويطلق على الميل إلى الفساد وعلى الانبعاث في المعاصي وهو اسم جامع للشر وقوله وما يزال الرجل يكذب هو كما مر في قوله وما يزال الرجل يصدق في أنه إذا تكرر منه الكذب استحق اسم المبالغة وهو الكذاب وفي الحديث إشارة إلى أن من تحرى الصدق في أقواله صار له سجية ومن تعمد الكذب وتحراه صار له سجية وأنه بالتدرب والاكتساب تستمر صفات الخير والشر والحديث دليل على عظمة شأن الصدق وأنه ينتهي بصاحبه إلى الجنة ودليل على عظمة قبح الكذب وأنه ينتهي بصاحبه إلى النار وذلك من غير ما لصاحبهما في الدنيا فإن الصدوق مقبول الحديث عند الناس مقبول الشهادة عند الحكام محبوب مرغوب في أحاديثه والكذوب بخلاف هذا كله وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث متفق عليه وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظن بالنصب محذر منه فإن الظن أكذب الحديث متفق عليه تقدم بيان معناه وأنه تحذير من أن يحقق ما ظنه وأما نفس الظن فقد يهجم على القلب فيجب دفعه والإعراض عن العمل عليه