يدعون له من بعده وأخرجه في الكبير مرفوعا من طريق أخرى وجزم بن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله قال غيره في أعم من ذلك وفي علمه ورزقه ولابن القيم في كتاب الداء والدواء كلام يقضي بأن مدة حياة العبد وعمره هي مهما كان قلبه مقبلا على الله ذاكرا له مطيعا غير عاص فهذه هي عمره ومتى أعرض القلب عن الله تعالى واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياة عمره فعلى هذا معنى أنه ينسأ له في أجله أي يعمر الله قلبه بذكره وأوقاته بطاعته ويأتي تحقيق صلة الرحم في شرح قوله وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم متفق عليه وأخرج أبو داود من حديث أبي بكرة يرفعه ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما أخر الله له في الآخرة من قطيعة الرحم وأخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة يرفعه إن أعمال أمتي تعرض عشية الخميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم وأخرج فيه من حديث بن أبي أوفى إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم وأخرج الطبراني من حديث بن مسعود إن أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم واعلم أنه اختلف العلماء في حد الرحم التي تجب صلتها فقيل هي التي يحرم النكاح بينهما بحيث لو كان أحدهما ذكرا حرم على الآخر فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام ولا أولاد الأخوال واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها في النكاح لما يؤدي إليه من التقاطع وقيل هو من كان متصلا بميراث ويدل عليه قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم أدناك أدناك وقيل من كان بينه وبين الآخر قرابة سواء كان يرثه أولا ثم صلة الرحم كما قال القاضي عياض درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يسم واصلا وقال القرطبي الرحم التي توصل عامة وخاصة فالعامة رحم الدين وتجب صلتها بالتوادد