قال والصحيح أن منه ما هو غريزة ومنه ما هو مكتسب بالتخلق والاقتداء بغيره وقال الشريف في التعريفات قيل حسن الخلق هيئة راسخة تصدر عنها الأفعال المحمودة بسهولة وتيسر من غير حاجة إلى إعمال فكر وروية انتهى قيل ويجمع حسن الخلق قوله صلى الله عليه وسلم طلاقة الوجه وكف الأذى وبذلك المعروف حسن الخلق وقوله والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس أي تحرك الخاطر في صدرك وترددت هل تفعله لكونه لا لوم فيه أو تتركه خشية اللوم عليه من الله سبحانه وتعالى ومن الناس لو فعلته فلم ينشرح به الصدر ولا حصلت الطمأنينة بفعله خوف كونه ذنبا ويفهم منه أنه ينبغي ترك ما تردد في إباحته وفي معناه حديث دع ما يريبك إلى ما لا يريبك أخرجه البخاري من حديث الحسن بن علي وفيه دليل على أنه تعالى قد جعل للنفس إدراكا لما لا يحل فعله وزاجرا عن فعله وعن بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه متفق عليه واللفظ لمسلم وعن بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان المناجاة المشاورة والمسارة دون الآخر حتى تختلطوا بالناس وعلله بقوله من أجل أن ذلك يحزنه من أحزن يحزن مثل أخرج يخرج أو من حزن يحزن بضم الزاي متفق عليه واللفظ لمسلم فيه النهي عن تناجي الاثنين إذا كان معهما ثالث إلا إذا كانوا أكثر من ثلاثة لانتفاء العلة التي نص عليها وهي أنه يحزنه انفراده وإيهام أنه ممن لا يؤهل للسر أو يوهمه أن الخوض من أجله ودلت العلة على أنهم إذا كانوا أربعة فلا نهي عن انفراد اثنين بالمناجاة لفقد العلة وظاهره عام لجميع الأحوال في سفر أو حضر وإليه ذهب بن عمر ومالك وجماهير العلماء وادعى بعضهم نسخه ولا دليل عليه وأما الآيات في سورة المجادلة فهي في نهي اليهود عن التناجي كما أخرجه عبد بن حميد وبن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى قال اليهود وأخرج بن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال كان بين اليهود وبين النبي صلى الله عليه وسلم موادعة فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا فأنزل الله ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى وعن بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا متفق عليه وفي لفظ لمسلم لا يقيمن بصيغة النهي مؤكدا فلفظ الخبر في هذا الحديث الذي أتى به المصنف في معنى النهي وظاهره التحريم فمن سبق إلى موضع مباح من مسجد أو غيره لصلاة أو غيرها من الطاعات فهو أحق به ويحرم على غيره أن يقيمه منه إلا أنه قد أفاد حديث من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به أخرجه مسلم أنه إذا