وفي منحة الغفار حاشية ضوء النهار ولله الحمد واخترنا أن العدل هو من غلب خيره شره ولم يجرب عليه اعتياد كذب وأقمنا عليه الأدلة هنالك والشارح هنا مشى مع الجماهير وذكر بعض ما يتعلق بتفسير مرادهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية رواه أبو داود وبن ماجه البدوي من سكن البادية نسب على غير قياس النسبة والقياس بادوي والقرية بفتح القاف وقد تكسر المصر الجامع وفيه دليل على عدم صحة شهادة البدوي على صاحب القرية لا على بدوي مثله فتصح وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل وجماعة من أصحابه وقال أحمد أخشى أن لا تقبل شهادة البدوي على صاحب القرية لهذا الحديث ولأنه متهم حيث أشهد بدويا ولم يشهد قرويا وإليه ذهب مالك إلا أنه قال لا تقبل شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرائع ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها وذهب الأكثر إلى قبول شهادتهم وحملوا الحديث على من لا تعرف عدالته من أهل البادية إذ الأغلب أن عدالتهم غير معروفة وقد استدل في البحر لقبول شهادتهم بقبوله صلى الله عليه وسلم لشهادة الأعرابي على هلال رمضان وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب فقال إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم رواه البخاري وتمامه فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة استدل به على قبول شهادة من لم يظهر منه ريبة نظرا إلى ظاهر الحال وأنه يكفي في التعديل ما يظهر من حال المعدل من الاستقامة من غير كشف عن حقيقة سريرته لأن ذلك متعذر إلا بالوحي وقد انقطع وكأن المصنف أورده وإن كان كلام صحابي لا حجة فيه لأنه خطب به عمر وأقره من سمعه فكان قول جماهير الصحابة ولأن هذا الذي قاله هو الجاري على قواعد الشريعة وظاهر كلامه أنه لا يقبل المجهول ويدل له ما رواه بن كثير في الإرشاد أنه شهد عند عمر رجل فقال له عمر لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك ائت بمن يعرفك فقال رجل من القوم أنا أعرفه قال بأي شيء تعرفه قال بالعدالة والفضل فقال هو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه قال لا قال فعاملك بالدينار والدرهم اللذين يستدل بهما على الورع قال لا قال فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق قال لا قال لست تعرفه ثم قال للرجل ائت بمن يعرفك قال بن كثير رواه البغوي بإسناد حسن وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عد شهادة الزور في أكبر الكبائر متفق عليه في حديث طويل في حديث ولفظه أنه صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس