من الأمور المقصودة ويقال إن ذلك مخصوص بما إذا اجتمعوا في زمان أو رئيس يجمعهم على ملة أو مذهب أو عمل ويطلق القرن على مدة من الزمان واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين قال المصنف إنه لم ير من صرح بالتسعين ولا بمائة وعشرين وما عدا ذلك فقد قال به قائل قلت أما التسعون فنعم وأما المائة والعشرون فصرح به في القاموس فإنه قال أو مائة أو مائة وعشرون والأول أصح لقوله صلى الله عليه وسلم لغلام عش قرنا فعاش مائة سنة انتهى قال صاحب المطالع القرن أمة هلكت فلم يبق منهم أحد وقرنه صلى الله عليه وسلم المراد به هم المسلمون في عصره وقوله ثم الذين يلونهم هم التابعون والذين يلون التابعين أتباع التابعين وهذا يدل على أن الصحابة أفضل من التابعين والتابعين أفضل من تابعيهم وأن التفضيل بالنظر إلى كل فرد فرد وإليه ذهب الجماهير وذهب بن عبد البر إلى أن التفضيل بالنسبة إلى مجموع الصحابة لا إلى الأفراد فمجموع الصحابة أفضل ممن بعدهم لا كل فرد منهم إلا أهل بدر وأهل الحديبية فإنهم أفضل من غيرهم يريد أن أفرادهم أفضل من أفراد من يأتي بعدهم واستدل على ذلك بما أخرجه الترمذي من حديث أنس وصححه بن حبان من حديث عمار من قوله صلى الله عليه وسلم أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره وبما أخرجه أحمد والطبراني والدارمي من حديث أبي جمعة قال قال أبو عبيدة يا رسول الله أحد خير منا أسلمنا معك وهاجرنا معك قال قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني وصححه الحاكم وأخرج أبو داود والترمذي من حديث ثعلبة يرفعه تأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين قيل منهم أو منا يا رسول الله قال بل منكم وأخرج أبو الحسن القطان في مشيخته عن أنس يرفعه يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه له أجر خمسين منكم وجمع الجمهور بين الأحاديث بأن للصحبة فضيلة ومزية لا يوازيها شيء من الأعمال فلمن صحبه صلى الله عليه وسلم فضيلتها وإن قصر عمله وأجره باعتبار الاجتهاد في العبادة وتكون خيريتهم على من سيأتي باعتبار كثرة الأجر لا بالنظر إلى ثواب الأعمال وهذا قد يكون في حق بعض الصحابة وأما مشاهير الصحابة فإنهم حازوا السبق من كل نوع من أنواع الخير وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وأيضا فإن المفاضلة بين الأعمال بالنظر إلى الأعمال المتساوية في النوع وفضيلة الصحبة مختصة بالصحابة لم يكن لمن عداهم شيء من ذلك النوع وفي قوله ثم يكون قوم إلى آخره دليل على أنه لم يكن في القرنين الأولين من بعد الصحابة من يتصف بهذه الصفات المذمومة ولكن الظاهر أن المراد بحسب الأغلب واستدل به على تعديل القرون الثلاثة ولكنه أيضا باعتبار الأغلب وقوله لا يؤتمنون أي لا يراهم الناس أمناء ولا يثقون بهم لظهور خيانتهم وقد ثبت أن الأمانة أول ما يرفع من الناس ومعنى قوله يظهر فيهم السمن أنهم يتوسعون في المآكل والمشارب وهي أسباب