وله شاهد عند الحاكم من حديث بن عباس رضي الله عنهما والحديث دليل على أنه يجب على الحاكم أن يسمع دعوى المدعي أولا ثم يسمع جواب المجيب ولا يجوز له أن يبني الحكم على سماع دعوى المدعي قبل جواب المجيب فإن حكم قبل سماع الإجابة عمدا بطل قضاؤه وكان قدحا في عدالته وإن كان خطأ لم يكن قادحا وأعاد الحكم على وجه الصحة وهذا حيث أجاب الخصم فإن سكت عن الإجابة أو قال لا أقر ولا أنكر ففي البحر عن الإمام يحيى ومالك يحكم عليه لتصريحه بالتمرد وإن شاء حبسه حتى يقر أو ينكر وقيل بل يلزمه الحق بسكوته إذ الإجابة تجب فورا فإذا سكت كان كنكوله وأجيب بأن النكول الامتناع من اليمين وهذا ليس منه وقيل يحبس حتى يقر أو ينكر وأجيب بأن التمرد كاف في جواز الحكم إذ الحكم شرع لفصل الشجار ودفع الضرار وهذا حاصل ما في البحر قيل والأولى أن يقال ذلك حكمه حكم الغائب فمن أجاز الحكم على الغائب أجاز الحكم على الممتنع عن الإجابة لاشتراكهما في عدم الإجابة وفي الحكم على الغائب قولان الأول أنه لا يحكم على الغائب لأنه لو كان الحكم عليه جائزا لم يكن الحضور عليه واجبا ولهذا الحديث فإنه دل على أنه لا يحكم حتى يسمع كلام المدعى عليه والغائب لا يسمع له جواب وهذا الذي ذهب إليه زيد بن علي وأبو حنيفة والثاني يحكم عليه لما تقدم من حديث هند وتقدم الكلام فيه مستوفى وهذا مذهب الهادوية ومالك والشافعي وحملوا حديث علي هذا على الحاضر وقالوا الغائب لا يفوت عليه حق فإنه إذا حضر كانت حجته قائمة وتسمع ويعمل بمقتضاها ولو أدى إلى نقض الحكم لأنه في حكم المشروط وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار متفق عليه وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قطعت له من حق أخيه شيئا زاد في رواية فلا يأخذه رواه بن كثير في الإرشاد فإنما أقطع له قطعة من النار متفق عليه اللحن هو الميل عن جهة الاستقامة والمراد أن بعض الخصماء يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره وقوله على نحو ما أسمع أي من الدعوى والإجابة والبينة أو اليمين وقد تكون باطلة في نفس الأمر فيقتطع من مال أخيه قطعة من نار باعتبار ما يؤول إليه من باب إنما يأكلون في بطونهم نارا والحديث دليل على أن حكم الحاكم لا يحل به للمحكوم له ما حكم له به على غيره إذا كان ما ادعاه باطلا في نفس الأمر وما أقامه من الشهادة كاذبا وأما الحاكم فيجوز له الحكم بما ظهر له والإلزام به وتخليص المحكوم عليه مما حكم به لو امتنع وينفذ حكمه ظاهرا ولكنه لا يحل به الحرام إذا كان المدعي مبطلا وشهادته كاذبة وإلى هذا ذهب الجمهور وخالف أبو حنيفة فقال إنه ينفذ ظاهرا وباطنا وأنه لو حكم الحاكم بشهادة زور أن هذه المرأة زوجة فلان حلت له واستدل بآثار لا يقوم بها دليل وبقياس لا يقوى على مقاومة النص وفي الحديث دليل أنه صلى الله عليه وسلم يقر على الخطأ وقد