فذكر الحديث هكذا في نسخ بلوغ المرام بإفراد ذكر وكان الظاهر فذكرا بضمير التثنية ليعود إلى المسور ومروان وكأنه أراد فذكر أي الراوي بطوله وفيه هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض أخرجه أبو داود وأصله في البخاري الحديث دليل على جواز المهادنة بين المسلمين وأعدائهم من المشركين مدة معلومة لمصلحة يراها الإمام وإن كره ذلك أصحابه فإنه ذكر في المهادنة ما يفيده الحديث الآتي وهو قوله وأخرج مسلم بعضه من حديث أنس وفيه أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا أتكتب هذا يا رسول الله قال نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا وأخرج مسلم بعضه من حديث أنس وفيه أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا أي من جاء من المسلمين إلى كفار مكة لم يردوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جاء من أهل مكة إليه صلى الله عليه وسلم رده إليهم فكره المسلمون ذلك فقالوا أتكتب هذا يا رسول الله قال نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا فإنه صلى الله عليه وسلم كتب هذا الشرط مع ما فيه من كراهة أصحابه له والحديث طويل ساقه أئمة السير في قصة الحديبية واستوفاه بن القيم في زاد المعاد وذكر فيه كثيرا من الفوائد وفيه أنه صلى الله عليه وسلم رد إليهم أبا جندل بن سهيل وقد جاء مسلما قبل تمام كتاب الصلح وأنه بعد رده إليهم جعل الله له فرجا ومخرجا ففر من المشركين ثم أقام بمحل على طريقهم يقطعها عليهم وانضاف إليه جماعة من المسلمين حتى ضيق على أهل مكة مسالكهم والقصة مبسوطة في كتاب السير وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد النساء الخارجات إليه فقيل لأن الصلح إنما وقع في حق الرجال دون النساء وأرادت قريش تعميم ذلك في الفريقين فإنها لما خرجت أم كلثوم بنت أبي معيط مهاجرة طلب المشركون رجوعها فمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأنزل الله تعالى الآية وفيها فلا ترجعوهن إلى الكفار الآية والحديث دليل على جواز الصلح على رد من وصل إلينا من العدو كما فعله صلى الله عليه وسلم وعلى أن لا يردوا من وصل منا إليهم وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما أخرجه البخاري وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدا لم يرح بفتح المثناة التحتية وفتح الراء أصله يراح أي لم يجد رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما أخرجه البخاري وفي لفظ للبخاري من قتل نفسا معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله الحديث وفي لفظ له تقييد ذلك بغير جرم وفي لفظ له بغير حق وعند أبي داود والنسائي بغير حلها والتقييد معلوم من قواعد الشرع وقوله من مسيرة أربعين عاما وقع عند الإسماعيلي سبعين عاما ووقع عند الترمذي من حديث أبي هريرة وعند البيهقي من رواية صفوان بن سليم