أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين رواه الثلاثة وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله وكذا رجح أيضا أبو حاتم وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم ورواه الطبراني موصولا والحديث دليل على وجوب الهجرة من ديار المشركين من غير مكة وهو مذهب الجمهور لحديث جرير ولما أخرجه النسائي من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا لا يقبل الله من مشرك عملا بعد ما أسلم أو يفارق المشركين ولعموم قوله تعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآية وذهب الأقل إلى أنها لا تجب الهجرة وأن الأحاديث منسوخة للحديث الآتي وهو قوله وعن بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية متفق عليه قالوا فإنه عام ناسخ لوجوب الهجرة الدال عليه ما سبق وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر من أسلم من العرب بالمهاجرة إليه ولم ينكر عليهم مقامهم ببلدهم ولأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال لأميرهم إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال فأيتهن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المؤمنين الحديث سيأتي بطوله فلم يوجب عليهم الهجرة والأحاديث غير حديث بن عباس محمولة على من لا يأمن على دينه قالوا وفي هذا جمع بين الأحاديث وأجاب من أوجب الهجرة بأن حديث لا هجرة يراد به نفيها عن مكة كما يدل له قوله بعد الفتح فإن الهجرة كانت واجبة من مكة قبله وقال بن العربي الهجرة هي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وكانت فرضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمرت بعده لمن خاف على نفسه والتي انقطعت بالأصالة هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان وقوله ولكن جهاد ونية قال الطيبي وغيره هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله والمعنى أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة قد انقطعت إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج في طلب العلم والفرار من الفتن والنية في جميع ذلك معتبرة وقال النووي المعنى أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة وجهاد معطوف بالرفع على محل اسم لا وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله متفق عليه وفي الحديث هنا اختصار ولفظه عن أبي موسى أنه قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله قال من