بالزبد وفي غيره مما يسكر حقيقة شرعية أو قياس في اللغة أو مجاز فقد حصل المقصود من تحريم ما أسكر من ماء العنب أو غيره إما بنقل اللفظ إلى الحقيقة الشرعية أو بغيره وقد علمت أنه أطلق عمر وغيره من الصحابة الخمر على كل ما أسكر وهم أهل اللسان والأصل الحقيقة فقد أحسن صاحب القاموس بقوله والعموم أصح وأما الدعاوى التي تقدمت على اللغة كما قاله بن سيده وشارح الكنز فما أظنها إلا بعد تقرر هذه المذاهب تكلم كل على ما يعتقده ونزل في قلبه من مذهبه ثم جعله لأهل اللغة المسألة الثانية قوله فجلده بجريدتين نحو أربعين فيه دليل على ثبوت الحد على شارب الخمر وادعى فيه الإجماع ونوزع في دعواه لأنه قد نقل عن طائفة من أهل العلم أنه لا يجب فيه إلا التعزير لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينص على حد معين وإنما ثبت عنه الضرب المطلق وفيه دليل على أنه يكون الجلد بالجريد وهو سعف النخل وقد اختلف العلماء هل يتعين الجلد بالجريد على ثلاثة أقوال أقربها جواز الجلد بالعود غير الجريد ويجوز الاقتصار على الضرب باليدين والنعال قال في شرح مسلم أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال وأطراف الثياب ثم قال والأصح جوازه بالسوط وقال المصنف توسط بعض المتأخرين فعين السوط للمتمردين وأطراف الثياب والنعال للضعفاء ومن عداهم بحسب ما يليق بهم وقد عين قوله في الحديث نحو أربعين ما أخرجه البيهقي وأحمد بلفظ فأمر قريبا من عشرين رجلا فجلده كل واحد جلدتين بالجريد والنعال قال المصنف وهذا يجمع ما اختلف فيه على تشعبه وأن جملة الضربات كانت أربعين لا أنه جلده بجريدتين أربعين المسألة الثالثة قوله فلما كان عمر استشار إلى آخره سبب استشارته ما أخرجه أبو داود والنسائي أن خالد بن الوليد كتب إلى عمر إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة قال وعنده المهاجرون والأنصار فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين وأخرج مالك في الموطأ عن ثور بن يزيد أن عمر استشار في الخمر فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى فجلد عمر في الخمر ثمانين وهذا حديث معضل ولهذا الأثر عن علي طرق وقد أنكره بن حزم كما سلف وفي معناه نكارة لأنه قال إذا هذي افترى والهاذي لا يعد قوله فرية لأنه لا عمد له ولا فرية إلا عن عمد وقد أخرج عبد الرزاق قال جاءت الأخبار متواترة عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن في الخمر شيئا ولا يخفى أن الحديث الآتي يؤيده ولمسلم عن علي