إلا بطيبة من نفسه ولأنه اجتمع في السرقة حقان حق لله تعالى وحق للآدمي فاقتضى كل حق موجبه ولأنه قام الإجماع أنه إذا كان موجودا بعينه أخذ منه فيكون إذا لم يوجد في ضمانه قياسا على سائر الأموال الواجبة وقوله اجتماع الحقين مخالف للأصول دعوى غير صحيحة فإن الحقين مختلفان فإن القطع بحكمة الزجر والتغريم لتفويت حق الآدمي كما في الغصب ولا يخفى قوة هذا القول وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن التمر المعلق فقال من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه الغرامة والعقوبة ومن خرج بشيء منه بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن التمر المعلق فقال من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة فنون وهو معطف الإزار وطرف الثوب فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه الغرامة والعقوبة ومن خرج بشيء منه بعد أن يؤويه الجرين هو موضع التمر الذي يجفف فيه فبلغ ثمن المجن فعليه القطع أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم قال المنذري المراد بالتمر المعلق ما كان معلقا في النخل قبل أن يجذ ويجرن والتمر اسم جامع للرطب واليابس من التمر والعنب وغيرهما وفي الحديث مسائل الأولى أنه إذا أخذ المحتاج بفيه لسد فاقته فإنه مباح له والثانية أنه يحرم عليه الخروج بشيء منه فإن خرج بشيء منه فلا يخلو أن يكون قبل أن يجذ ويؤويه الجرين أو بعده فإن كان قبل الجذ فعليه الغرامة والعقوبة وإن كان بعد القطع وإيواء الجرين له فعليه القطع مع بلوغ المأخوذ النصاب لقوله صلى الله عليه وسلم فبلغ ثمن المجن وهذا مبني على أن الجرين حرز كما هو الغالب إذ لا قطع إلا من حرز كما يأتي الثالثة أنه أجمل في الحديث الغرامة والعقوبة ولكنه قد أخرج البيهقي تفسيرها بأنها غرامة مثليه وبأن العقوبة جلدات نكالا وقد استدل بحديث البيهقي هذا على جواز العقوبة بالمال فإن غرامة مثليه من العقوبة بالمال وقد أجازه الشافعي في القديم ثم رجع عنه وقال لا تضاعف الغرامة على أحد في شيء إنما العقوبة في الأبدان لا في الأموال وقال هذا منسوخ والناسخ له قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الماشية بالليل أن ما أتلفت فهو ضامن أي مضمون على أهلها قال وإنما يضمنونه بالقيمة وقد قدمنا الكلام في ذلك في حديث بهز في الزكاة الرابعة أخذ منه اشتراط الحرز في وجوب القطع لقوله صلى الله عليه وسلم بعد أن يؤويه الجرين وقوله في الحديث الآخر لا قطع في ثمر ولا في حريسة الجبل فإذا آواه الجرين أو المراح فالقطع فيما بلغ ثمن المجن أخرجه النسائي قالوا والإحراز مأخوذ في مفهوم السرقة فإن السرقة والاستراق هو المجيء مستترا في خفية لأخذ مال غيره من حرز كما في القاموس وغيره فالحرز مأخوذ في مفهوم السرقة لغة ولذا لا يقال لمن خان أمانته سارق هذا مذهب الجمهور وذهبت الظاهرية وآخرون إلى عدم اشتراطه عملا بإطلاق الآية الكريمة إلا أنه لا يخفى أنه إذا كان الحرز مأخوذا في مفهوم السرقة فلا إطلاق في الآية والله أعلم