حتى يتبين ترجيح رواية من روى أنها كانت جاحدة على رواية من روى أنها كانت سارقة وذهب الجماهير إلى أنه لا يجب القطع في جحد العارية قالوا لأن في الآية في السارق والجاحد لا يسمى سارقا ورد هذا بن القيم وقال إن الجحد داخل في اسم السرقة قلت أما دخول الجاحد تحت لفظ السارق لغة فلا تساعده عليه اللغة وأما الدليل فثبوت قطع الجاحد بهذا الحديث قال الجمهور وحديث المخزومية قد ورد بلفظ أنها سرقت من طريق عائشة وجابر وعروة بن الزبير ومسعود بن الأسود أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي وغيرهم مصرحا بذكر السرقة قالوا فقد تقرر أنها سرقت ورواية جحد العارية لا تدل على أن القطع كان لها بل إنما ذكر جحدها العارية لأنه قد صار خلقا لها معروفا فعرفت المرأة به والقطع كان للسرقة وهذا خلاصة ما أجاب به الخطابي ولا يخفى تكلفه ثم هو مبني على أن المعبر عنه امرأة واحدة وليس في الحديث ما يدل على ذلك لكن في عبارة المصنف ما يشعر بذلك فإنه جعل الذي ذكره ثانيا رواية وهو يقتضي من حيث الإشعار العادي أنهما حديث واحد أشار إليه بن دقيق العيد في شرح العمدة والمصنف هنا صنع ما صنعه صاحب العمدة في سياق الحديث ثم قال الجمهور ويؤيد ما ذهبنا إليه الحديث الآتي وهو قوله وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وبن حبان قالوا وجاحد العارية خائن ولا يخفى أن هذا عام لكل خائن ولكنه مخصص بجاحد العارية ويكون القطع فيمن جحد العارية لا غيره من الخونة وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه يخص القطع بمن استعار على لسان غيره مخادعا للمستعار منه ثم تصرف في العارية وأنكرها لما طولب بها قال فإن هذا لا يقطع بمجرد الخيانة بل لمشاركة السارق في أخذ المال خفية والحديث فيه كلام كثير لعلماء الحديث وقد صححه من سمعت وهذا دال على أن الخائن لا قطع عليه والمراد بالخائن الذي يضمر ما لا يظهره في نفسه والخائن هنا هو الذي يأخذ المال خفية من مالكه مع إظهاره له النصيحة والحفظ والخائن أعم فإنها قد تكون الخيانة في غير المال ومنه خائنة الأعين وهي مسارقة الناظر بطرفه ما لا يحل له نظره والمنتهب المغير من النهبة وهي الغارة والسلب وكأن المراد هنا ما كان على جهة الغلبة والقهر والمختلس السالب من اختلسه إذا سلبه واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية أن تكون السرقة في حرز فذهب أحمد بن حنبل وإسحاق وهو قول للناصر والخوارج إلى أنه لا يشترط لعدم ورود الدليل باشتراطه من السنة ولإطلاق الآية وذهب غيرهم إلى اشتراطه مستدلين بهذا الحديث إذ مفهومه لزوم القطع فيما أخذ بغير ما ذكر وهو ما كان عن خفية وأجيب بأن هذا مفهوم ولا تثبت به قاعدة يقيد بها القرآن ويؤيد عدم اعتباره أنه صلى الله عليه وسلم قطع يد من أخذ رداء صفوان من تحت رأسه من المسجد الحرام وبأنه صلى الله عليه وسلم قطع يد المخزومية وإنما كانت تجحد