منها قولان الأول أن النصاب الذي تقطع به ربع دينار من الذهب وثلاثة دراهم من الفضة وهذا مذهب فقهاء الحجاز والشافعي وغيرهم مستدلين بحديث عائشة المذكور فإنه بيان لإطلاق الآية وقد أخرجه الشيخان كما سمعت وهو نص في ربع الدينار قالوا والثلاثة الدراهم قيمتها ربع دينار ولما يأتي من أنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم قال الشافعي إن الثلاثة الدراهم إذا لم تكن قيمتها ربع دينار لم توجب القطع واحتج له أيضا بما أخرجه بن المنذر أنه أتى عثمان بسارق سرق أترجة قومت بثلاثة دراهم من حساب الدينار باثني عشر فقطع وأخرج أيضا أن عليا عليه السلام قطع في ربع دينار كانت قيمته درهمين ونصفا وقال الشافعي ربع الدينار موافق الثلاثة الدراهم وذلك أن الصرف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر درهما بدينار وكان كذلك بعده ولهذا قومت الدية اثني عشر ألفا من الورق وألف دينار من الذهب القول الثاني للهادوية وأكثر فقهاء العراق أنه لا يوجب القطع إلا سرقة عشرة دراهم ولا يجب في أقل من ذلك واستدلوا لذلك بما أخرجه البيهقي والطحاوي من طريق محمد بن إسحاق من حديث بن عباس أنه كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم وروى أيضا محمد بن إسحاق من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله قالوا وقد ثبت في الصحيحين من حديث بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن وإن كان فيهما أن قيمته ثلاثة دراهم لكن هذه الرواية قد عارضت رواية الصحيحين والواجب الاحتياط فيما يستباح به العضو المحرم قطعه إلا بحقه فيجب الأخذ بالمتيقن وهو الأكثر وقال بن العربي ذهب سفيان الثوري مع جلالته في الحديث إلى أن القطع لا يكون إلا في عشرة دراهم وذلك أن اليد محرمة بالإجماع فلا تستباح إلا بما أجمع عليه والعشرة متفق على القطع بها عند الجميع فيتمسك به ما لم يقع الاتفاق على دون ذلك قلت قد أستفيد من هذه الروايات الاضطراب في قدر قيمة المجن من ثلاثة دراهم أو عشرة أو غير ذلك مما ورد في قدر قيمته ورواية ربع دينار في حديث عائشة صريحة في المقدار فلا يقدم عليها ما فيه اضطراب على أن الراجح أن قيمة المجن ثلاثة دراهم لما يأتي من حديث بن عمر المتفق عليه وباقي الأحاديث المخالفة له لا تقاومه سندا وأما الاحتياط بعد ثبوت الدليل فهو في اتباع الدليل لا فيما عداه على أن رواية التقدير لقيمة المجن بالعشرة جاءت من طريق بن إسحاق ومن طريق عمرو بن شعيب وفيهما كلام معروف وإن كنا لا نرى القدح في بن إسحاق إنما ذكروه كما قررنا في مواضع أخر المسألة الثالثة اختلف القائلون بشرطية النصاب فيما يقدر به غير الذهب والفضة فقال مالك في المشهور يقوم بالدراهم لا بربع الدينار يعني إذا اختلف صرفهما مثل أن يكون ربع دينار صرف درهمين مثلا وقال الشافعي الأصل في تقويم الأشياء هو الذهب