وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح متفق عليه وفي لفظ لأحمد والنسائي وصححه بن حبان فلا دية له ولا قصاص وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم لو أن أمرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح متفق عليه دل الحديث على تحريم الاطلاع على الغير بغير إذنه وعلى أن من اطلع قاصدا للنظر إلى محل غيره مما لا يجوز الدخول إليه إلا بإذن مالكه فإنه يجوز للمطلع عليه دفعه بما ذكر وإن فقأ عينه فإنه لا ضمان عليه وفي لفظ لأحمد والنسائي وصححه بن حبان فلا دية له ولا قصاص وأما إذا كان مأذونا بالنظر فالجناح غير مرفوع على من جنى على الناظر وكذا لو كان المنظور إليه في محل لا يحتاج إلى الإذن ولو نظر منه ما لا يحل له النظر إليه لأن التقصير من المنظور إليه وإلى هذا ذهب الشافعي وغيره والخلاف فيه للمالكية قال يحيى بن يعمر من المالكية لعل مالكا لم يبلغه الخبر وقال بن دقيق العيد تصرف الفقهاء في الحكم بأنواع من التصرفات منها أنه يفرق بين أن يكون هذا الناظر واقفا في الشارع أو في خالص ملك المنظور إليه أو في سكة منسدة الأسفل اختلفوا فيه والأشهر أنه لا فرق ولا يجوز مد العين إلى حرم الناس بحال وفي وجه للشافعية أنه لا تفقأ إلا عين من وقف في ملك المنظور إليه والحديث مطلق ومنها أنه هل يجوز رمي الناظر قبل الإنذار والنهي فيه وجهان للشافعية أحدهما لا والثاني نعم قلت وهو الذي يدل له الحديث ويؤيده الحديث الآخر أنه صلى الله عليه وسلم جعل يختل المطلع عليه ليطعنه والختل فسره في النهاية بقوله يراوده ويطلبه من حيث لا يشعر وفي الحديث دليل أنه إنما يباح له قصد العين بشيء خفيف كالمدرى والبندقة والحصاة لقوله فحذفته قال الفقهاء فأما لو رماه بالنشاب أو بحجر يقتله فقتله فهذا قتيل يتعلق به القصاص أو الدية ومما تصرف فيه الفقهاء أن هذا الناظر إذا كان له محرم في الدار أو زوجة أو متاع لم يجز قصد عينه لأنه له في النظر شبهة وقيل لا يكفي إذا كان له في الدار محرم بل إنما يمتنع قصد عينه إذا لم يكن في الدار إلا محارمه ومنها إذا لم يكن في الدار إلا صاحبها فله الرمي إن كان مكشوف العورة ولا ضمان وإلا فوجهان أظهرهما لا يجوز رميه ومنها أن الحريم إذا كن في الدار مستترات أو في بيت ففي وجه لا يجوز قصد عينه لأنه لا يطلع على شيء قال بعض الفقهاء والأظهر الجواز لإطلاق الأخبار وأنه لا تنضبط أوقات الستر والتكشف والاحتياط حسم الباب ومنها أن ذلك إنما يكون إذا لم يقصر صاحب الدار فإن كان بابه مفتوحا أو ثم كوة واسعة أو ثلمة مفتوحة فينظر فإن كان مجتازا لم يجز قصده وإن كان وقف وتعمد فقيل لا يجوز قصده لتفريط صاحب الدار بفتح الباب وتوسيع الكوة وقيل يجوز لتعديه بالنظر وأجرى هذا الخلاف فيما إذا نظر من سطح بيته أو نظر المؤذن من المئذنة لكن الأظهر ها هنا عندهم جواز الرمي لأنه لا تقصير من صاحب الدار ثم قال واعلم أن ما كان من هذه التصرفات الفقهية داخلا تحت إطلاق الحديث فهو مأخوذ منها وما لا فبعضه مأخوذ من فهم المعنى المقصود بالحديث وبعضه مأخوذ من القياس وهو قليل فيما ذكر انتهى كلامه