صلى الله عليه وسلم إليهم في ذلك أي فيما ذكر من أنهم قتلوا عبد الله فكتبوا أي اليهود إنا والله ما قتلناه فقال أي النبي صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم قالوا لا وفي رواية عند مسلم قالوا لم نحضر ولم نشهد وفي بعض ألفاظ البخاري أنه قال لهم تأتون بالبينة قالوا ما لنا بينة فقال أتحلفون قال فتحلف لكم يهود قالوا ليسوا مسلمين وفي لفظ قالوا لا نرضى بأيمان اليهود وفي لفظ كيف نأخذ بأيمان كفار فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم مائة ناقة قال سهل فلقد ركضتني منها ناقة حمراء متفق عليه اعلم أن هذا الحديث أصل كبير في ثبوت القسامة عند القائلين بها وهم الجماهير فإنهم أثبتوها وبينوا أحكامها ونتكلم على مسائل الأولى أنها لا تثبت القسامة بمجرد دعوى القتل على المدعى عليهم من دون شبهة إجماعا وقد روي عن الأوزاعي وداود ثبوتها من غير شبهة ولا دليل لهما واختلف العلماء في الشبهة التي تثبت بها القسامة فمنهم من جعل الشبهة اللوث وهو كما في النهاية أن يشهد شاهد واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلانا قتلني أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد له منه أو نحو ذلك ومن اللوث التلطخ ومنهم من لم يشترطه كالهادوية والحنفية فإنهم قالوا وجود الميت وبه أثر القتل في محل يختص بمحصورين تثبت به القسامة عندهم إذا لم يدع المدعي على غيرهم قالوا لأن الأحاديث وردت في مثل هذه الحالة ورد بأن حديث الباب أصح ما ورد وفيه دليل على اللوث وحقيقته شبهة يغلب الظن بالحكم بها كما فصله في النهاية وهو هنا العداوة فلهذا ذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يثبت بهذا قسامة إلا إذا كان بين المقتول والمدعى عليهم عداوة كما كان في قصة خيبر قالوا فإنه يقتل الرجل الرجل ويلقيه في محل طائفة لينسب إليهم وقد عدوا من صور اللوث قول المقتول قبل وفاته قتلني فلان وقال مالك إنه يقبل قوله وإن لم يكن به أثر أو يقول جرحني ويذكر العمد وادعى مالك أنه مما أجمع عليه الأئمة قديما وحديثا ورده بن العربي بأنه لم يقله من فقهاء الأمصار غيره وتبعه عليه الليث واحتج مالك بقصة بقرة بني إسرائيل فإنه أحيا الرجل وأخبر بقاتله وأجيب بأن ذلك معجزة لنبي وتصديقها قطعي قلت ولأنه أحياه الله بعد موته فعين قاتله فإذا أحيا الله مقتولا بعد موته وعين قاتله قلنا به ولا يكون ذلك أبدا واحتج أصحابه بأن القاتل يطلب غفلة الناس فلو لم يقبل خبر المجروح أدى ذلك إلى إبطال الدماء غالبا ولأنها حالة يتحرى فيها المجروح الصدق ويتجنب الكذب والمعاصي ويتحرى التقوى والبر فوجب قبول قوله ولا يخفى ضعف هذه الاستدلالات وقد عدوا صور اللوث مبسوطة في كتبهم المسألة الثانية أنه بعد ثبوت ما ذكر من القتل وكل على أصله تثبت دعوى أولياء القتيل القسامة فتثبت أحكامها فمنها القصاص عند كمال شروطها لقوله في الحديث تستحقون قتيلكم أو صاحبكم بأيمان خمسين منكم على رجل منهم فيدفع بذمته وقوله دم صاحبكم في لفظ مسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع بذمته وإن كان قوله إما أن يدوا صاحبكم الحديث يشعر