من يثبت شبه العمد وهو الحق فإن ذلك القتل كان بحجر صغير أو عود صغير لا يقصد به القتل بحسب الأغلب فتجب فيه الدية على العاقلة ولا قصاص فيه والحنفية تجعله من أدلة عدم وجوب القصاص بالمثقل الثالثة في قوله على عاقلتها دليل على أنها تجب الدية على العاقلة والعاقلة هم العصبة وقد فسرت بمن عدا الولد وذوي الأرحام كما أخرجه البيهقي من حديث أسامة بن عمير فقال أبوها إنما يعقلها بنوها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الدية على العصبة وفي الجنين غرة ولهذا بوب البخاري باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد قال الشافعي لا أعلم خلافا في أن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل الأب وفسر بالأقرب فالأقرب من عصبة الذكر الحر المكلف وفي ذلك خلاف يأتي في القسامة وظاهر الحديث وجوب الدية على العاقلة وبه قال الجمهور وخالف جماعة في وجوبها عليهم فقالوا لا يعقل أحد عن أحد مستدلين بما عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم أن رجلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم من هذا قال ابني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه وعند أحمد وأبي داود والترمذي من حديث عمرو بن الأحوص أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يجني جان إلا على نفسه لا يجني جان على ولده وجمع بينهما وبين وجوب الدية على العاقلة بأن المراد به الجزاء الأخروي أي لا يجني عليه جناية يعاقب بها في الآخرة وعلى القول بأن الوالد والولد ليسا من العاقلة كما قاله الخطابي فلا يتم به الاستدلال الرابعة قوله صلى الله عليه وسلم إنما هو من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع يظهر أن قوله من أجل سجعه مدرج فهمه الراوي ففيه دليل على كراهة السجع قال العلماء إنما كرهه من هذا الشخص لوجهين أحدهما أنه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله الثاني أنه تكلفه في مخاطبته وهذان الوجهان من السجع مذمومان وأما السجع الذي ورد منه صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات وهو كثير في الحديث فليس من هذا لأنه لا يعارض حكم الشرع ولا يتكلفه فلا نهي عنه وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث بن عباس رضي الله عنه أن عمر سأل من شهد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين قال فقام حمل بن النابغة المذكور في الحديث الذي قبله فقال كنت بين يدي امرأتين فضربت إحداهما الأخرى فذكره مختصرا وصححه بن حبان والحاكم وأخرجه أبو داود بلفظ أن عمر سأل الناس عن إملاص المرأة فقال المغيرة شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيها بغرة عبد أو أمة فقال ائتني بمن يشهد معك قال فأتاه محمد بن مسلمة فشهد له ثم قال أبو داود قال أبو عبيد إملاص المرأة إنما سمي إملاصا لأن المرأة تزلقه قبل وقت الولادة وكذلك كل ما زلق من اليد وغيرها فقد ملص انتهى ولا بد من أن يعلم أن الجنين قد تخلق وجرى فيه الروح ليتصف بأنه قتلته الجناية والشافعية فسروه بما ظهر فيه صورة الآدمي من يد وأصبع وغيرهما فإن لم تظهر فيه الصورة ويشهد أهل الخبرة بأن ذلك أصل الآدمي فحكمه كذلك إذا كانت