فإن أم سلمة أمرت بالإحداد بعد موت زوجها وموته متقدم على قتل جعفر وقد أجاب الجمهور عن حديث أسماء بأجوبة سبعة كلها تكلف لا حاجة إلى سردها المسألة الخامسة في قوله أربعة أشهر وعشرا قيل الحكمة في التقدير بهذه المدة أن الولد تتكامل خلقته وينفخ فيه الروح بعد مضي مائة وعشرين يوما وهي زيادة على أربعة أشهر بنقصان الأهلة فجبر الكسر إلى العقد على طريق الاحتياط وذكر العشر مؤنثا باعتبار الليالي والمراد مع أيامها عند الجمهور فلا تحل حتى تدخل الليلة الحادية عشرة المسألة السادسة في قوله ثوبا مصبوغا دليل على النهي عن كل مصبوغ بأي لون إلا ما استثناه في الحديث وقال بن عبد البر أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبوغة إلا ما صبغ بسواد فرخص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتخذ للزينة بل هو من لباس الحزن واختلف في الحرير فذهبت الشافعية في الأصح إلى المنع لها منه مطلقا مصبوغا أو غير مصبوغ قالوا لأنه أبيح للنساء للتزين به والحادة ممنوعة من التزين وقال بن حزم إنها تجتنب الثياب المصبوغة فقط ويحل لها أن تلبس ما شاءت من حرير أبيض أو أصفر من لونه الذي لم يصبغ ويباح لها أن تلبس المنسوج بالذهب والحلي كله من الذهب والفضة والجوهر والياقوت وهذا جمود منه على لفظ النص الوارد في حديث أم عطية وأما حديث أم سلمة الذي فيه النهي عن لبسها الثياب المعصفرة ولا الممشقة ولا الحلي فقال إنه لم يصح لأنه من رواية إبراهيم بن طهمان ورد عليه بأنه من الحفاظ الأثبات الثقات وقد صحح حديثه جماعة من الأئمة كابن المبارك وأحمد وأبي حاتم وبن حزم أدار التحريم على ما ثبت عنده بالنص وغيره من الأئمة أداره على التعليل بالزينة فبقي كلامهم أن ثوب العصب إذا كان فيه زينة منعت منه ويخصصون الحديث بالمعنى المناسب للمنع وتقدم تفسير ثوب العصب عن النهاية وللعلماء في تفسيره أقوال أخر المسألة السابعة في قوله ولا تكتحل دليل على منعها من الاكتحال وهو قول الجمهور وقال بن حزم ولا تكتحل ولو ذهبت عيناها لا ليلا ولا نهارا ودليله حديث الباب وحديث أم سلمة المتفق عليه أن امرأة توفي عنها زوجها فخافوا على عينها فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكحل فما أذن فيه بل قال لا مرتين أو ثلاثا وذهب الجمهور مالك وأحمد وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجوز الاكتحال بالإثمد للتداوي مستدلين بحديث أم سلمة الذي أخرجه أبو داود أنها قالت في كحل الجلاء لما سألتها امرأة أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فأرسلت إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء فقالت أم سلمة لا يكتحل منه إلا من أمر لا بد منه يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار ثم قالت أم سلمة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وذكرت حديث الصبر قال بن عبد البر وهذا عندي وإن كان مخالفا لحديثها الآخر الناهي عن الكحل مع الخوف على العين إلا أنه يمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وسلم عرف من الحالة التي نهاها أن حاجتها إلى الكحل خفيفة غير ضرورية والإباحة في الليل لدفع الضرر بذلك قلت ولا يخفى أن فتوى أم سلمة قياس منها للكحل