قيل نعم كما يدل له قوله في الحديث خيرت وقيل لا بد من لفظ الفسخ ثم إذا اختارت نفسها لم يكن للزوج الرجعة عليها وإنما يراجعها بعقد جديد إن رضيت به ولا يزال لها الخيار بعد علمها ما لم يطأها لما أخرجه أحمد عنه صلى الله عليه وسلم إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها إن تشأ فارقته وإن وطئها فلا خيار لها وأخرجه الدارقطني بلفظ إن وطئك فلا خيار لك وأخرجه أبو داود بلفظ إن قاربك فلا خيار لك فدل أن الوطء مانع من الخيار وإليه ذهب الحنابلة واعلم أن هذا الحديث جليل قد ذكره العلماء في مواضع من كتبهم في الزكاة وفي العتق وفي البيع وفي النكاح وذكره البخاري في البيع وأطال المصنف في عدة ما استخرج منه من الفوائد حتى بلغت مائة واثنتين وعشرين فائدة فنذكر ما له تعلق بالباب الذي نحن بصدده منها جواز بيع أحد الزوجين الرقيقين دون الآخر وأن بيع الأمة المزوجة لا يكون طلاقا وأن عتقها لا يكون طلاقا ولا فسخا وأن للرقيق أن يسعى في فكاك رقبته من الرق وأن الكفاءة معتبرة في الحرية قلت قد أشار الحديث إلى سبب تخييرها وهو ملكها نفسها كما عرفت فلا يتم هذا وأن اعتبارها يسقط برضا المرأة التي لا ولي لها ومما ذكر في قصة بريرة أن زوجها كان يتبعها في سكك المدينة يتحدر دمعه لفرط محبته لها قالوا فيؤخذ منه أن الحب يذهب الحياء وأنه يعذر من كان كذلك إذا كان بغير اختيار منه فيعذر أهل المحبة في الله إذا حصل لهم الوجد عند سماع ما يفهمون منه الإشارة إلى أحوالهم حيث يغتفر منهم ما لا يحصل عن اختيار كالرقص ونحوه قلت لا يخفى أن زوج بريرة بكى من فراق محبه فمحب الله يبكي شوقا إلى لقائه وخوفا من سخطه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي عند سماع القرآن وكذلك أصحابه ومن تبعهم بإحسان وأما الرقص والتصفيق فشأن أهل الفسق والخلاعة لا شأن من يحب الله ويخشاه فأعجب لهذا المأخذ الذي أخذوه من الحديث وذكره المصنف في الفتح ثم سرد فيه غير ما ذكرناه وأبلغ فوائده إلى العدد الذي وصفناه وفي بعضها خفاء وتكلف لا يليق بمثل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الضحاك بن فيروز الديلمي عن أبيه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شئت رواه أحمد والأربعة إلا النسائي وصححه بن حبان والدارقطني والبيهقي وأعله البخاري وعن الضحاك تابعي معروف روى عن أبيه بن فيروز بفتح الفاء وسكون المثناة التحتية وضم الراء وسكون الواو وآخره زاي هو أبو عبد الله الديلمي ويقال الحميري لنزوله حمير وهو من أبناء فارس من فرس صنعاء كان ممن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قتل العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة في سنة إحدى عشرة وأتى حين قتله النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض مرض موته وكان بين ظهوره وقتله أربعة أشهر عن أبيه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شئت رواه أحمد والأربعة إلا النسائي وصححه بن حبان والدارقطني والبيهقي وأعله البخاري بأنه رواه الضحاك عن أبيه ورواه عنه أبو وهب الجيشاني بفتح الجيم وسكون المثناة التحتية والشين المعجمة فنون قال البخاري لا نعرف سماع بعضهم من بعض والحديث دليل على اعتبار أنكحة الكفار وإن خالفت نكاح الإسلام وأنها