ما ذهب إليه الشافعي ومن معه لأنه أذن صلى الله عليه وسلم في استنفاقه لها ولم يأمره بالتصدق بها ثم أمره بعد الإذن في الاستنفاق أن يردها إلى صاحبها إن جاء يوما من الدهر وذلك تضمين لها المسألة الثانية في ضالة الغنم فقد اتفق العلماء على أن لواجد الغنم في المكان القفر البعيد من العمران أن يأكلها لقوله صلى الله عليه وسلم هي لك أو لأخيك أو للذئب فإن معناه أنها معرضة للهلاك مترددة بين أن تأخذها أو أخوك والمراد به ما هو أعم من صاحبها أو من ملتقط آخر والمراد من الذئب جنس ما يأكل الشاة من السباع وفيه حث على أخذه إياها وهل يجب عليه ضمان قيمتها لصاحبها أو لا فقال الجمهور إنه يضمن قيمتها والمشهور عن مالك أنه لا يضمن واحتج بالتسوية بين الملتقط والذئب والذئب لا غرامة عليه فكذلك الملتقط وأجيب بأن اللام ليست للتمليك لأن الذئب لا يملك وقد أجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط فهي باقية على ملك صاحبها والمسألة الثالثة في ضالة الإبل وقد حكم صلى الله عليه وسلم بأنها لا تلتقط بل تترك ترعى الشجر وترد المياه حتى يأتي صاحبها قالوا وقد نبه صلى الله عليه وسلم على أنها غنية غير محتاجة إلى الحفظ بما ركب الله في طباعها من الجلادة على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشي فلا تحتاج إلى الملتقط بخلاف الغنم وقالت الحنفية وغيرهم الأولى التقاطها قال العلماء والحكمة في النهي عن التقاط الإبل أن بقاءها حيث ضلت أقرب إلى وجدان مالكها لها من تطلبه لها في رحال الناس وعن عياض بن حمار رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل وليحفظ عفاصها ووكاءها ثم لا يكتم ولا يغيب فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي وصححه بن خزيمة وبن الجارود وبن حبان وعن عياض بكسر المهملة آخره ضاد معجمة بن حمار بلفظ الحيوان المعروف صحابي معروف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل وليحفظ عفاصها ووكاءها ثم لا يكتم ولا يغيب فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي وصححه بن خزيمة وبن الجارود وبن حبان تقدم الكلام في اللقطة والعفاص والوكاء وأفاد هذا الحديث زيادة وجوب الإشهاد بعدلين على التقاطها وقد ذهب إلى هذا أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي فقالوا يجب الإشهاد على اللقطة وعلى أوصافها وذهب الهادي ومالك وهو أحد قولي الشافعي إلى أنه لا يجب الإشهاد قالوا لعدم ذكر الإشهاد في الأحاديث الصحيحة فيحمل هذا على الندب وقال الأولون هذه الزيادة بعد صحتها يجب العمل بها فيجب الإشهاد ولا ينافي ذلك عدم ذكره في غيره من الأحاديث والحق وجوب الإشهاد وفي قوله فهو مال الله يؤتيه من يشاء دليل للظاهرية في أنها تصير ملكا للملتقط ولا يضمنها وقد يجاب بأن هذا مقيد بما سلف من إيجاب الضمان وأما قوله صلى الله عليه وسلم يؤتيه من يشاء فالمراد أنه يحل انتفاعه بها بعد مرور سنة التعريف وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج رواه مسلم وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي رضي الله عنه هو قرشي وهو بن أخي طلحة بن عبيد الله صحابي وقيل إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وليست له رؤية وأسلم يوم الحديبية